المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

361

لأنّ موضوعها الشكّ، والمجعول في دليل الاستصحاب هو الطريقيّة وإلغاء الشكّ،فلا يبقى موضوع لأخبار الاحتياط(1).

ويرد عليه:

أوّلاً: الخلاف المبنائيّ فيما هو المجعول في دليل الاستصحاب، حيث إنّنا لا نقول بأنّ المجعول في دليل الاستصحاب ولا في أدلّة الأمارة الطريقيّة على ما مرّت الإشارة إليه في بحث القطع، ويأتي تفصيله ـ إن شاء الله تعالى ـ فيما يخصّ الاستصحاب في مباحث الاستصحاب.

وثانياً: أنّه لو سلّمنا أنّ المجعول في دليل الاستصحاب هو الطريقيّة والعلم، فهذا إنّما يصير حاكماً على دليل رتّب فيه الأثر إثباتاً أو نفياً على العلم لا على دليل رتّب فيه الأثر على الشكّ؛ وذلك لأنّ دليل الاستصحاب بنفسه قد اُخذ في موضوعه الشكّ، فالطريقيّة المجعولة فيه طريقيّة في طول الشكّ، وظاهر التعبّد بالطريقيّة في طول الشكّ هو أنّ هذا التعبّد ليس ناظراً إلى إلغاء الشكّ نفسه، بل مسوق لجهة اُخرى غير إلغاء الشكّ وهي صِرف إثبات عنوان اليقين، وهذه النكتة لا تأتي في أدلّة الأمارة لو فرض جعل الطريقيّة فيها؛ إذ لم يؤخذ في موضوعها الشكّ كي يكون ذلك قرينة على أنّ التعبّد بالطريقيّة ليس في مقام إلغاء الشكّ والتردّد ونحو ذلك من العناوين المقابلة للعلم.

وثالثاً: أنّنا لو سلّمنا أنّ دليل الاستصحاب لسانه لسان دليل الأمارة ـ أي: أنّه لم يؤخذ في موضوعه الشكّ ـ قلنا: كما أنّ دليل الاستصحاب دليل على اعتبار العلم وجعل الطريقيّة وإلغاء الشكّ، كذلك دليل الاحتياط والوقوف عند الشبهة دليل على عدم جواز الاعتماد على أحد طرفي الشبهة والبناء عليه، لا التزاماً في مقام الحجّيّة ولا عملاً في مقام الجري الخارجيّ، وإرشاد إلى عدم الحجّيّة والطريقيّة وعدم إلغاء



(1) راجع مصباح الاُصول، ج 2، ص 32، والدراسات، ج 3، ص 175.