المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

362

الشكّ فيتعارضان، وهذا نظير ما مضى من أنّه ذهبت مدرسة المحقّق النائينيّ(رحمه الله)إلى حكومة دليل حجّيّة خبر الثقة على الآيات الناهية عن العمل بالظنّ؛ لأنّ دليل حجّيّة خبر الثقة يخرجه عن كونه ظنّاً، فأجبنا في محلّه بأنّ عمومات النهي عن العمل بالظنّ بنفسها إرشاد إلى عدم حجّيّة الظنّ وعدم جعله علماً فيتعارضان.

 

تعيين المرجع في فرض التساقط:

وأمّا الجهة الرابعة: وهي أنّه لو تعارض الدليلان وتساقطا فماذا نصنع؟ فنقول: لو بنينا على البراءة العقليّة وقبح العقاب بلا بيان ـ كما ذكروه ـ رجعنا إليها. أمّا إذا لم نبنِ عليه ـ كما هو الحقّ ـ وقلنا بأصالة منجّزيّة الاحتمال فأيضاً هنا نكون في سعة من الاحتياط والاشتغال؛ لأنّنا وجدنا فيما مضى في الأدلّة اللفظيّة للبراءة الشرعيّة ما يكون مفاده في مستوى قاعدة قبح العقاب بلا بيان ـ أي: أنّ موضوعه عدم وصول إيجاب الاحتياط علميّاً ـ وعليه فيستحيل أن يقع طرفاً للمعارضة مع دليل الاحتياط؛ إذ هو حاكم عليه، فالمعارضة إنّما تقع بين دليل الاحتياط ودليل البراءة التي هي في مرتبة الاحتياط والتي تنفي ذلك الاحتياط، فبعد التساقط يتنقّح موضوع هذا القسم من البراءة ويرجع إليها.

نعم، خصوص أخبار: «إنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» قلنا: إنّها إرشاد إلى تأكيد حكم العقل بمنجّزيّة الاحتمال، ويفهم من هذا الإرشاد عرفاً ـ لصدوره من الشارع ـ كونه في مقام بيان عدم حاكم على هذه المنجّزيّة، فهذه يمكن أن يدّعى أنّها تعارض أخبار البراءة المساوقة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.

إلاّ أنّنا أيضاً نقول بعدم المعارضة من باب أنّ العرف يفهم من بيان الشارع لعدم الحاكم على هذه المنجّزيّة أنّه في مقام إيصال الاحتياط، ولا ينظر إلى فرض عدم وصول الاحتياط.

هذا تمام الكلام في أصل مبحث أنّ الأصل هل هو البراءة أو الاحتياط.