المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

392

الأعظم(رحمه الله)إلى عدم كفاية هذا التقرّب مع التمكّن من التقرّب بالأمر الجزميّ. وعلى أيّ حال فلا إشكال فيما نحن فيه؛ إذ المفروض عدم إمكان قصد الأمر الجزميّ.

وقد تحصّل ممّا ذكرناه: أنّه لا إشكال في الاحتياط في العبادات أصلاً، والإنصاف أنّه لولا جريان الإشكال على قلم الشيخ الأعظم(قدس سره)لم يكن داع للتكلّم في هذا البحث أصلاً، إلاّ أنّه جرى على قلمه(رحمه الله)فبقي هذا البحث في علم الاُصول.

وأمّا على الفرض الثاني: فلا مجال لتوهّم عدم الإشكال في الاحتياط في العبادات؛ إذ المفروض اشتراط قصد الأمر الجزميّ في المقام، ولا أمر جزميّ هنا، ولا يكفي الأمر الجزميّ بالاحتياط؛ لأنّ المفروض اشتراط قصد الأمر الجزميّ بذات العمل ابتداءً، وعليه فيتقيّد ـ لا محالة ـ دليل وجوب تلك العبادة بغير صورة الشكّ؛ إذ تشترط في التكليف القدرة، والشكّ هنا مساوق لعدم القدرة، ولا يفرّق أيضاً على هذا الفرض بين القول بأخذ قصد الأمر في متعلّقه، والقول بكون الحاكم به هو العقل، فإنّه لا أمر جزميّ هنا متعلّق بذات العمل ابتداءً حتّى يمكن قصده بلا أثر لاختلاف طبيعة الحاكم بلزوم هذا القصد في ذلك.

وأمّا على الفرض الثالث: فيمكن أن يقال بإمكان الاحتياط نظراً إلى وجود الأمر الجزميّ بالاحتياط، والمفروض كفاية قصد طبيعيّ الأمر الجزميّ، فيقصد الأمر الجزميّ المتعلّق بالاحتياط.

ولكن قد يقال ببطلان الاحتياط في المقام، وأنّ الأمر الجزميّ المتعلّق بالاحتياط لا يصحّح الاحتياط؛ إذ هو عارض على الاحتياط، فتقوّم الاحتياط به يوجب الدور أو ما يشبه الدور، وبكلمة اُخرى يجب تصحيح الاحتياط في الرتبة السابقة على الأمر كي يعرض عليه الأمر.