المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

396

 

مفاد أخبار (مَن بلغ)

وفي نهاية هذا التنبيه وتعقيباً على ما عرفته من المقامين نبحث هنا عن مفاد أخبار (مَن بلغ)، حيث إنّها تنظر إلى العمل برجاء موافقة الواقع في فرض الشكّ في الحكم، فيناسب البحث عنها في هذا التنبيه، فنقول:

قد وردت روايات عديدة بمضمون: (إنّ من بلغه شيء من الخير والثواب فعمله كان له ذلك الثواب وإن كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يقله).

 

1 ـ تصوير مفادها ثبوتاً:

ونذكر بدواً في تصوير مفاد هذه الروايات احتمالات أربعة:

1 ـ كون المقصود منها الإرشاد إلى حكم العقل بحسن الاحتياط والانبعاث من المطلوبيّة الاحتماليّة، حيث إنّ مفروض الأخبار هو العمل برجاء المطابقة. أمّا فيما صرّح منها برجاء الثواب فواضح، وأمّا فيما لم يصرّح منها بذلك فيستفاد ذلك من (الفاء) في قوله: (فعمله).

2 ـ كون المقصود جعل استحباب نفسيّ موضوعه البلوغ.

3 ـ كون المقصود منها جعل الحجّيّة للخبر الضعيف في المستحبّات، وهذا هو المناسب لتعبير التسامح في أدلّة السنن.

4 ـ كون المقصود مجرّد الوعد لمصلحة في نفس الوعد بإعطاء ذلك الثواب، وبعد حصول الوعد نقطع بالوفاء لا محالة.

والفرق بين هذه الاحتمالات الأربعة واضح، فعلى الأخير تشتمل الأخبار على مجرّد الوعد لمصلحة في نفس الوعد، في حين أنّه على باقي الاحتمالات تكون تلك الأخبار بداعي الحثّ والترغيب الناشئ من ملاك في نفس العمل.