المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

397

ويفترق الاحتمال الأوّل عن الثاني والثالث بأنّه على الأوّل يكون الترغيب صادراً من الشارع بما هو عاقل لا بما هو مولىً، وعلى الثاني والثالث يكون صادراً عنه بما هو مولىً. وأمّا الفرق بين الثاني والثالث فهو أنّ الترغيب في الثاني يكون بملاك نفسيّ بعنوان البلوغ في نفس هذا العمل وإن كان الخبر مخالفاً للواقع، وفي الثالث يكون طريقيّاً وبملاك العمل بالواقع. وبكلمة اُخرى: أنّ الحكم في الثاني حكم واقعيّ لعنوان ثانويّ، وفي الثالث حكم ظاهريّ لعنوان أوّليّ.

ولكن يوجد في رسالة منسوبة إلى الشيخ الأعظم(قدس سره) مؤلّفة في بحث قاعدة التسامح في أدلّة السنن الإشكال في تصوير الفرق بين الوجه الثاني والثالث، وذلك باعتبار أنّ الحكم الظاهريّ لمّا كان عبارة عن جعل الحكم المماثل فمرجع الوجه الثالث إلى قضيّة شرطيّة شرطها بلوغ الثواب وجزاؤها حكم مماثل لما أدّاه الخبر، والحكم المماثل لما أدّاه الخبر عبارة عن الاستحباب الذي هو الوجه الثاني، فأيّ فرق بينهما؟ نعم، إذا كان الحكم الظاهريّ عبارة عن شيء آخر غير الحكم المماثل، كالتنجيز والتعذير وتتميم الكشف ونحو ذلك فهو يفترق عن جعل الاستحباب.

وسواء كان هذا الكلام صادراً من الشيخ الأعظم(قدس سره)، أو لا فهذا كلام يناسب الذوق الاُصوليّ العامّ في تصوير الحكم الظاهريّ من كونه عبارة عن أحد هذه الاُمور من جعل الحكم المماثل، أو التنجيز والتعذير، أو تتميم الكشف، ونحو ذلك. وأمّا على المختار من أنّ هذه كلّها ألسنة مختلفة وألوان من الكلام تكشف عن شيء واحد وهو اهتمام المولى ببعض الأغراض دون بعض عند تزاحمها، فالفرق بين الوجه الثاني والثالث في غاية الوضوح؛ إذ في الوجه الثاني يكون الاستحباب نفسيّاً ناشئاً من ملاك في ذات العمل بما ينطبق عليه من العنوان الثانويّ، وفي الوجه الثالث يكون الاستحباب طريقيّاً وبداعي الاهتمام بالملاك الموجود في