المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

400

والتساقط في ذلك إنّما هو منافاة الدلالة الالتزاميّة لكلّ منهما الثابتة ببركة العلم الإجماليّ للدلالة المطابقيّة للآخر، فتتساقط كلّ من الدلالتين الالتزاميّتين مع الدلالة المطابقيّة للاُخرى بالتعارض الذاتيّ، فيمكن أن يقال هنا: إنّ أخبار (مَن بلغ) لم تشمل الدلالة الالتزاميّة وإنّما أثبتت الحجّيّة لبلوغ الثواب في أيّ واحد منهما لا لنفي الآخر، فلا تعارض بينهما.

الثانية: أنّ في بعض الفروض يثبت التعارض على كلا الوجهين، لكن يختلف مركز التعارض باختلافهما، وبالتالي تختلف كيفيّة إعمال قوانين باب التعارض، مثاله: أنّنا فرضنا ورود خبر صحيح يدلّ على أنّ ما يوجب الإضرار بالنفس لا يكون مستحبّاً ولو بعنوان ثانويّ، وورود خبر ضعيف يدلّ على استحباب اللطم في عزاء الحسين(عليه السلام)، ونفترض أنّ اللطم أمر مضرّ، فعلى الثالث يقع التعارض بين هذين الخبرين، ويقدّم الثاني على الأوّل بالأخصّيّة، وأخبار (مَن بلغ) ليست طرفاً للمعارضة مع الخبر الصحيح النافي للاستحباب، وإنّما هي دليل على حجّيّة ما يعارضه من الخبر المثبت للاستحباب، ولا منافاة بين عدم استحباب شيء واقعاً وحجّيّة ما دلّ على استحبابه، وعلى الثاني يصبح ما دلّ على عدم استحباب المضرّ بأيّ عنوان من العناوين معارضاً لنفس أخبار (مَن بلغ) الدالّة على استحباب اللطم بعنوان البلوغ، وتعارضهما يكون بالعموم من وجه ويتساقطان.

الثالثة: أنّ بعض أقسام الخبر الضعيف تشمله أخبار (مَن بلغ) على الوجه الثاني، ويثبت بذلك الاستحباب، وأمّا على الوجه الثالث، فإمّا أن يثبت بذلك الوجوب أو لا تشمله أخبار (مَن بلغ) رأساً، وذلك فيما لو دلّ خبر ضعيف على وجوب شيء فإنّه على الثاني يثبت الاستحباب له بعنوان البلوغ، وأمّا على الثالث فشأن أخبار (مَن بلغ) أن يجعل هذا الخبر حجّة، فإن قلنا بأنّه يمكن لأخبار (مَن بلغ) أن يثبت الوجوب فهذا الخبر يصبح حجّة ويثبت به الوجوب، وإن قلنا بأنّها تقصر