المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

405

قطعيّاً، فتشتدّ رغبته في العمل بذلك. وما مضى من الإشكال إنّما يبطل الوجه الأوّل من هذين الوجهين دون الثاني، فإلى الآن لم يظهر مفنّد لهذا الاحتمال، فلنرَ بعد هذا أنّه هل توجد قرينة على احتمال آخر في قبال هذا الاحتمال فيبطل بذلك هذا الاحتمال أو لا؟

وأمّا الاستحباب النفسيّ فيوجد هنا تقريب يثبت الجامع بينه وبين الاستحباب الطريقيّ، وهو ما ذكره المحقّق النائينيّ(رحمه الله)(1) واحتمله المحقّق العراقيّ(قدس سره)، وكلام المحقّق العراقيّ هنا مجمل من حيث إنّه هل كان مقصوده إثبات الاستحباب النفسيّ بذلك، أو الجامع بين الاستحباب النفسيّ والحجّيّة(2). وأمّا كلام المحقّق النائينيّ(قدس سره)فصريح في أنّ هذا التقريب لو خلّي ونفسه لا يثبت إلاّ الجامع بينهما، وذلك التقريب هو حمل قوله في هذه الأخبار: (فعمله) على إرادة الأمر. وتوضيح ذلك: أنّه وإن لم يوجد في أخبار (البلوغ) الأمر بصيغته أو مادّته، لكنّ الجملة الخبريّة في كلام الشارع ظاهرة في كونها بداعي الأمر كقوله: (سجد سجدتي السهو)، فقوله في هذه الأخبار: (فعمله) وإن كان جملة خبريّة، لكنّه يحمل على إرادة الأمر، وبعد استفادة الأمر من ذلك نقول: إنّ الأمر في لسان المولى ظاهر في المولويّة، وحمله على الإرشاد خلاف الظاهر ما لم تقم قرينة عليه، فيثبت بذلك الأمر المولويّ بالعمل بالخبر البالغ، وهو أعمّ من كونه نفسيّاً أو طريقيّاً، فثبت بهذا الجامع بين الحجّيّة والاستحباب النفسيّ.

أقول: إنّ هذا من غرائبهم(رحمهم الله)، فإنّ قوله: (فعمله) قد وقع شرطاً فسقط عن



(1) راجع فوائد الاُصول، ج 3، ص 150.

(2) كلامه في نهاية الأفكار، القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 277 واضح في إرادة الاستحباب النفسيّ.