المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

409

نظير قولك: (زيد كثير الرماد) الذي هو كناية عن كونه كريماً، وتكفي في باب الكناية مناسبات عرفيّة تصحّح ذلك بلا حاجة إلى ثبوت الملازمة بالدقّة بينهما، كما أنّه لا ملازمة دقّيّة بين كثرة الرماد والكرم، فقد يكون كثير الرماد ولا يكون كريماً وبالعكس.

الثاني: أن يقال: إنّ قوله: (مَن عمل كذا فله كذا) يستبطن قيداً ارتكازيّاً، أي: مَن عمل كذا عارفاً بحكمه فله كذا، وعندئذ يستكشف الأمر على أساس الملازمة العقليّة، فإنّ صدق هذه القضيّة الشرطيّة مستلزم لكون حكمه هو المطلوبيّة.

وشيء من هذين الوجهين لا يأتيان فيما نحن فيه، فإنّ الأمر ليس هنا منحصراً في الكناية وتقدير كلمة (عارفاً بحكمه)، بل يتصوّر هنا تقدير آخر ليس بأشدّ من مؤونة الكناية ومؤونة هذا التقدير، وهو تقدير فرض الانقياد وداعي الرجاء، فإنّ هذا أيضاً تقدير عرفيّ ليس التقدير الأوّل أو الكناية بأولى منه.

الكلام الثاني: أنّنا لو غضضنا النظر عمّا مضى، وفرضنا أنّه في موارد ترتيب الثواب على عمل يستكشف الأمر بقانون الملازمة العقليّة بين الثواب والأمر قلنا مع ذلك: إنّ هذا لا ينطبق على ما نحن فيه.

وتوضيح ذلك: أنّنا تارةً نفترض ـ لأجل الاستظهار من هذه الأخبار أو لجهة اُخرى كحكم العقل ـ أنّ الثواب المذكور في هذه الأخبار ليس ثواباً جزافيّاً، وإنّما هو ثواب استحقاقيّ، واُخرى نفرض عدم استبعاد كون ذلك ثواباً جزافيّاً، وبكلمة اُخرى: ثواباً تفضّليّاً، فإن فرض الثاني انغلق باب بحث استكشاف الأمر من هذا الثواب؛ إذ المفروض عدم استبعاد كون الثواب جزافاً وغير ناشئ من استحقاق بواسطة الأمر وغير ذلك، فلابدّ لفتح باب البحث في ذلك من فرض الأوّل، وهو أنّ الثواب لا يكون جزافيّاً، بل هو على أساس استحقاق العبد على مولاه بمعنىً من