المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

410

معاني الاستحقاق، وعندئذ نقول: إنّ إطلاق قوله: (مَن بلغه ثواب فعمله كان له ذلك الثواب) بعد فرض كون المراد به الثواب الاستحقاقيّ مقيّد عقلاً بصورة الإتيان بداع قربيّ؛ إذ الإتيان به لا بهذا الداعي لا يوجب الاستحقاق كما هو واضح، وبعد تقييد الإطلاق بهذا المقيّد المنفصل نقول: إنّ التمسّك بهذا المطلق عندئذ تمسّك بالمطلق في الشبهة المصداقيّة للمقيّد، ولا يجوز التمسّك بالمطلق في الشبهة المصداقيّة للمقيّد المنفصل أصلاً(1)، وفي باب العامّ لا يجوز التمسّك به في الشبهة المصداقيّة للمخصّص المنفصل إلاّ في بعض موارد مستثناة، ولكن في باب المطلق(2) ليس لعدم الجواز استثناء أصلاً(3)، والوجه في كون التمسّك بالمطلق هناتمسّكاً في الشبهة المصداقيّة هو أنّ للعمل بما بلغه الثواب بداع قربيّ مصداقين: أحدهما مصداق قطعيّ، والآخر مصداق غير قطعيّ.

أمّا الأوّل فهو العمل بداعي الانقياد، وأمّا الثاني فهو العمل بداعي الأمر الموقوف على وجود الأمر، ومع عدمه يلزم التشريع، أو يكون ذلك أمراً غير معقول، والمفروض أنّه بقطع النظر عن أخبار (مَن بلغ) نشكّ في وجود الأمر فنشكّ في هذا المصداق. هذا بعد تنزّلنا عن الإشكال الأوّل، وإلاّ فقد عرفت أنّ وجود الأمر واقعاً لا أثر له أصلاً.



(1) بل قد يقال: إنّ المقيّد هنا متّصل؛ لأنّ اشتراط استحقاق الثواب بالداعي القربيّ عقليّ ارتكازيّ كالمتّصل، ولكن قد يتّضح لك بمراجعة بحث العموم والخصوص أنّ المخصّص اللبّيّ الارتكازيّ يكون في خصوص مسألة التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة كالمنفصل لا كالمتّصل.

(2) بمعنى ثبوت الحكم على الطبيعة لا للأفراد.

(3) مضى الوجه في ذلك من قِبل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث العموم والخصوص فراجع.