المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

411

وأمّا النقطة الثانية التي اختلفوا فيها وهي أنّه هل تكون أخبار (مَن بلغ) شاملة في ذاتها وبقطع النظر عمّا مضى لغير فرض الانقياد أو لا؟

فنقول: إنّ هذا موقوف على أن نرى أنّه هل توجد قرينة في أخبار (مَن بلغ) على تقييدها بفرض الانقياد أو لا؟

وما يذكر قرينة على الاختصاص بفرض الانقياد أمران:

الأوّل: فاء التفريع في قوله: (مَن بلغه ثواب فعمله)، حيث دلّ على كون العمل متفرّعاً على البلوغ.

والثاني: التصريح في بعض تلك الأخبار برجاء المطابقة فيحمل غيره عليه حملاً للمطلق على المقيّد.

أمّا القرينة الاُولى: فقد نوقشت باُمور:

الأوّل: ما ذكره المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)(1) من أنّ البلوغ اُخذ بنحو الجهة التعليليّة لا بنحو الجهة التقييديّة كي يوجب وجهاً وعنواناً للعمل.

أقول: إنّ هذا الكلام لا يخلو من إجمال، فإن أراد(قدس سره) بذلك أنّه لمّا كان قيد البلوغ بنحو التعليل لا بنحو التقييد فالعمل يبقى على إطلاقه، ولا يختصّ بالحصّة الانقياديّة والمتفرّعة على البلوغ، فمن الواضح أنّه ليس الأمر كذلك، فإنّه بمجرّد أخذ البلوغ في جانب العمل لا محالة لا يبقى العمل ثابتاً على إطلاقه، بل تضيّق دائرته بذلك سواء فرض البلوغ جهة تعليليّة أو تقييديّة، فإنّ إطلاقه على أيّ حال خلف فرض التفرّع على البلوغ فيه.

وإن أراد بذلك أنّه وإن صار العمل مقيّداً بفرض التفرّع على البلوغ والحصّة



(1) راجع الكفاية، ج 2، ص 197 بحسب طبعة المشكينيّ. ومن المحتمل كون المقصود الحقيقيّ للمحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) الوجه الثالث أو الرابع.