المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

412

الانقياديّة، لكنّ الثواب قد جعل على نفس هذا العمل المتفرّع على البلوغ والمنقادبه، ويكون البلوغ والانقياد جهة تعليليّة، ولم يجعل الثواب على الانقياد بأن يكون هذا العمل بما أنّه معنون بعنوان الانقياد ويكون الانقياد وجهاً له مثوباً عليه، فيثبت بذلك أنّ الرواية ليست إرشاداً إلى حكم العقل بحسن الانقياد؛ لأنّ ثواب الانقياد في الحقيقة مترتّب على عنوان الانقياد لا على خصوص ذات الحصّة الانقياديّة من العمل بما هو هو، ورد عليه: أنّه إن صار البناء على هذا التدقيق فعلى فرض الاستحباب وكون العمل من باب الطاعة لا من باب الانقياد أيضاً نقول: إنّه ليس الثواب في الحقيقة مترتّباً على ذات العمل بما هو، بل مترتّب على عنوان الطاعة(1)، فعلى أيّ حال لا يعقل ترتّب الثواب على ذات العمل بما هو سواء فرض ذلك من باب الانقياد أو من باب الطاعة، فلا يكون ما ذكره قرينة على عدم الإرشاد إلى حسن الانقياد، بل يظهر ممّا عرفت أنّه لم يكن المقصود في أخبار (مَن بلغ) فرض العمل موضوعاً للثواب بهذا النحو من الدقّة، وإنّما العمل اُخذ فيها على وجه المورديّة للثواب، ولا ينافيه كون الثواب مترتّباً على عنوان الانقياد أو عنوان الطاعة.

الثاني: ما ذكره المحقّق الإصفهانيّ(قدس سره)(2)، وهو في الحقيقة ليس مناقشة في قرينيّة (الفاء) للاختصاص بفرض الانقياد، ولم يذكره هو(رحمه الله)بهذا الصدد، وإنّما هو دليل مستقلّ على أنّ أخبار (مَن بلغ) لا تنظر إلى حصّة الانقياد ولا تكون إرشاداً



(1) وذلك بعد استظهار كون الثواب استحقاقيّاً، وإلاّ لانسدّ باب استظهار الاستحباب.

(2) راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 221.