المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

415

للمخصّص المنفصل، فإنّ هذا أسوء من الأوّل، ولو سلّم الأوّل لا يسلّم الثاني وهو التمسّك بالمطلق في الشبهة المصداقيّة لنفس المطلق، فإنّ الإطلاق هنا من أوّل الأمر غير ثابت(1).

الرابع: ما قاله بعض من أنّه لم يفرّع العمل في هذه الأخبار على داعويّة احتمال الأمر حتّى يختصّ بالحصّة الانقياديّة، وإنّما فرّع على داعويّة الثواب، حيث قيل: (مَن بلغه ثواب فعمله)، فيكفي في المقام كون ذلك الثواب المحتمل داعياً إلى الفعل، وحيث إنّنا نعلم أنّ الثواب إنّما يترتّب على العمل القربيّ، فهذا الثواب يدعونا إلى أن نأتي بهذا العمل قربيّاً، وقربيّته لا تختصّ بكونه بداعي احتمال الأمر، بل تشمل فرض كونه بداعي الأمر الجزميّ.

والجواب على ذلك: هو سنخ الجواب على المناقشة الثالثة. وتوضيحه: أنّ روح المطلب يرجع بالآخرة إلى أنّ الثواب رتّب في هذه الأخبار على العمل القربيّ، والعمل القربيّ له فردان: أحدهما قطعيّ وهو العمل بداعي احتمال الأمر. وأمّا العمل بداعي الأمر الجزميّ فلا يمكن إثباته بإطلاق هذه الأخبار؛ لأنّ ثبوت



(1) لا يخفى أنّ المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) لم يكن مقصوده بهذا البيان التمسّك بإطلاق أخبار (مَن بلغ)، بل كان مقصوده مجرّد هدم قرينيّة فاء التفريع للاختصاص بفرض الانقياد للواقع المحتمل، كي يثبت بعد سقوط هذه القرينة الاستحباب النفسيّ بالبيان السابق، وهو الوجه الثاني من الوجوه الماضية، وإذن فمجموع الوجه الثاني والوجه الثالث في نظر المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) وجه واحد.

نعم، يمكن الإيراد عليه: بأنّ التفريع على ما يصلح داعياً مباشراً يكون ظاهراً في إرادة الداعويّة المباشرة وهي الفرد الأوّل، دون موضوعيّته للداعي المباشر وهي الفرد الثاني، فظاهر هذه الأحاديث هو أنّ الدافع المباشر إلى العمل كان هو الثواب الموعود به.