المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

419

وأمّا الملاك الثالث: فهو غير ثابت فيما نحن فيه، فإنّ الأخبار المقيّدة المختصّة بفرض داعي الرجاء تكون بحسب عقليّة هذا التقريب المشهور لإثبات الاستحباب من أخبار (مَن بلغ) غير دالّة على الاستحباب ومحتملة الإرشاد إلى حكم العقل، فلم يثبت كونها بصدد بيان مثل الحكم الذي بيّن في الأخبار المطلقة، فلا وجه لتقييد المطلقات بها.

ثمّ لو قطعنا النظر عن جميع ما مضى حتّى الآن في هاتين النقطتين من المناقشات، قلنا أيضاً: إنّ من المحتمل كون أخبار الباب بصدد بيان الحكم الطريقيّ لا بمعنى الحجّيّة، بل بالمعنى الذي مضى منّا من كونه من قبيل إيجاب الاحتياط، ولا ينفي هذا ما مضى من فرض استبعاد جزافيّة الثواب في المقام، وأنّ الثواب الاستحقاقيّ يكشف عن الأمر؛ وذلك لأنّنا نمنع كون الثواب منحصراً في هذين القسمين، وهما الثواب الجزافيّ والثواب الاستحقاقيّ، بل هنا قسم ثالث وهو الثواب الترغيبيّ، وقد جعل حتّى يكون الربح جزميّاً، فيرغب المكلّفون في العمل بتمام الأخبار الدالّة على استحباب عمل مّا، فيتحفّظ ضمناً على الأغراض الواقعيّة الموجودة في ضمن مفاد تلك الأخبار.

والتحقيق: أنّ هذا المنهج منهم في البحث كان تبعيداً للمسافة، وإثبات الأمر المولويّ في المقام لا يحتاج إلى اللفّ والدوران. والصحيح في المقام أن يقال ـ مقتنصاً ممّا مضى ـ: إنّ الاحتمال الرابع من الاحتمالات التي ذكرناها في أوّل البحث منفيّ بظهور الأخبار في الترغيب والحثّ على العمل، وهي ظاهرة في ذلك ظهوراً لا يقبل الإنكار، والاحتمال الأوّل من تلك الاحتمالات وهو الإرشاد لا يحتاج في مقام نفيه إلى مثل افتراض أنّ قوله: (فعمله) إخبار بداعي الأمر الظاهر في المولويّة، بل نقول في مقام نفيه: إنّ الترغيب الصادر من المولى ظاهر في المولويّة كالأمر الصادر منه، ولا خصوصيّة للأمر في ذلك،