المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

427

يتأتّى هذا الإشكال، لكنّ الصحيح أنّ خصوصيّة الفعل تكون ملغيّة عرفاً بمناسبات الحكم والموضوع، وإنّما المطلوب في هذه الأخبار بحسب ما يفهمه العرف في المقام هو العمل بما بلغه الإنسان من الثواب والخير سواء كان فعلاً أو تركاً، فالصحيح شمول هذه الأخبار للروايات الواردة في باب الكراهة خلافاً للسيّد الاُستاذ.

المقام الثاني: في أنّ هذه الأخبار هل تثبت في موارد بلوغ الكراهة مجرّد رجحان الترك، أو تثبت كراهة الفعل؟

التحقيق: هو الأوّل، سواء فرض أنّ مفاد هذه الأخبار هو جعل الحجّيّة، أو فرض أنّ مفادها الاستحباب النفسيّ.

أمّا على الفرض الأوّل: فلأنّها إنّما تنظر إلى جعل الحجّيّة بمقدار بلوغ الثواب وثبوت الخير لا أزيد من ذلك، فلا تثبت كراهة الفعل، وإنّما تثبت رجحان الترك الجامع بين استحباب الترك وكون الترك نقيضاً للفعل المكروه، أو قل: الجامع بين الرجحان الذاتيّ وهو الاستحباب والرجحان العرضيّ بلحاظ كونه نقيضاً للمكروه(1).

وأمّا على الفرض الثاني: فالأمر أوضح، فإنّ المفروض أنّ أخبار (مَن بلغ) تثبت الاستحباب، وفرض إثباتها للاستحباب في موارد أخبار المستحبّات والكراهة في موارد أخبار المكروهات خلاف الظاهر، فإنّها ظاهرة في جعل سنخ واحد من الحكم في تمام الموارد(2).



(1) الفرق بين الأمر بالترك إيجاباً واستحباباً والنهي عن الفعل حرمةً أو كراهة ـ حينما لا يكون مجرّد تفنّن في التعبير ـ هو أنّ الفعل قد يكون هو المقتضي لمفسدة مّا فيصبح مبغوضاً على مستوى الحرمة أو الكراهة، وقد يكون مانعاً عن حصول مصلحة مّا فيكون الترك عندئذ محبوباً لكونه مقدّمة لحصول المصلحة على حدّ مقدّميّة عدم المانع للمعلول، وليس الفعل مبغوضاً إلاّ بنحو مبغوضيّة نقيض المطلوب.

(2) والمفروض أنّها ظاهرة في الحثّ والترغيب المنصرف إلى الاستحباب.