المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

429

بالرواية الدالّة على الكراهة حتّى بناءً على اختصاصها بروايات الاستحباب، فإنّ تلك الأخبار لا تشمل مثل هذه الرواية لا لمانع وهو التعارض حتّى يقال: إنّه على هذا المبنى لا يوجد تعارض في المقام، بل لعدم المقتضي للشمول في نفسه، والسرّ في ذلك أنّ المفروض في موضوع أخبار (مَن بلغ) ـ كما يدلّ عليه فاء التفريع ـ كون العمل متفرّعاً على داعي الثواب الموعود في تلك الرواية، فتختصّ أخبار (مَن بلغ) ـ بحسب الفهم العرفيّ ـ بفرض معقوليّة تفرّع العمل على داعي الثواب في الرتبة السابقة على هذه الأخبار، وحيث إنّ الثواب إنّما يترتّب على العمل القربيّ، فلابدّ من فرض إمكان التقرّب بالعمل في المرتبة السابقة عليها والتقرّب إلى المولى بالفعل لا يعقل فيما لو كانت نسبة المولى إلى الفعل والترك على حدّ سواء، وحيث إنّه قد ورد الخبر على كلّ من استحباب الفعل والترك، ويحتمل الصدق في كلّ منهما، فنسبة المولى إليهما على حدّ سواء، فلا معنى للتقرّب إليه بالفعل(1).

 


(1) قد يقال: إنّ هذا الكلام ينافي فرض دلالة أخبار (مَن بلغ) على الاستحباب الذي هو مفروض السيّد الخوئيّ على ما تقدّم من اُستاذنا(رحمه الله) من أنّ أخبار (مَن بلغ) بعد تسليم دلالتها على الاستحباب تشمل من عمل بداعي التقرّب بهذا الأمر الجديد، ولا تختصّ بمن عمل بداعي الانقياد؛ إذ بناءً على هذا لا مبرّر لتخصيص مورد هذه الأخبار بفرض إمكانيّة الداعي القربيّ في الرتبة السابقة على أخبار (مَن بلغ).

وقد ورد في تقرير السيّد الهاشميّ (حفظه الله) جواب على ذلك، وهو أنّ أخبار (مَن بلغ) وإن كانت تشمل بالإطلاق فرض داعويّة نفس هذا الأمر الاستحبابيّ، ولكنّ ظهورها في تتميم محرّكيّة ما بلغ يوجب اختصاصها بفرض إمكان التحرّك ممّا بلغ في الرتبة السابقة على هذه الأخبار.