المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

433

يكون أضعف من المستحبّ الأوّل لم يعقل هذا الإطلاق في المستحبّ الأوّل؛ لأنّ صرف المكلّف عن ذاك الضدّ إلى هذا بلا موجب؛ لأنّ المفروض أنّه لا يقلّ عن هذا العمل من حيث المحبوبيّة، فلا يعقل انقداح الإرادة الإطلاقيّة في نفس المولى. هذا في مطلق المستحبّات المتزاحمة.

أضف إلى ما ذكرناه شيئاً في خصوص ما نحن فيه، وهو أنّ التحريك المولويّ مع فرض استحباب الفعل والترك غير معقول، سواء فرض كلاهما توصّليّين أو فرض أحدهما أو كلاهما قربيّاً، وسواء فرض استحبابهما بنحو الإطلاق أو بنحو الترتّب؛ وذلك لأنّه وإن كان بفرض القربيّة يتعقّل الضدّ الثالث، لكنّ الداعي القربيّ يحرّك نحو ذات الفعل أو الترك، وتحريكه نحو أحدهما بالخصوص فرع أن لا تكون نسبة المولى إليهما على حدّ سواء، والمفروض هنا أنّ نسبة المولى إليهما على حدّ سواء، وتحريكه نحو الجامع بينهما غير معقول؛ لضروريّة الجامع، وهذا بخلاف غير ما نحن فيه من سائر المستحبّات المتزاحمة، فإنّه هناك يعقل التحريك نحو الجامع؛ إذ من الممكن ترك الجامع.

وإن فرض أنّ المستحبّ هو الجامع فهذا أيضاً غير صحيح، فإنّه يرد عليه:

1 ـ إنّ مقتضى أخبار (مَن بلغ) ليس هو استحباب الجامع، بل استحباب الفرد بالخصوص، وهذا سنخ ما يقال في الواجبين المتزاحمين من أنّ إرجاعهما إلى الواجبين المشروطين يكون على القاعدة، لكنّ إرجاعهما إلى الواجب التخييريّ بأن يكون الواجب هو الجامع على خلاف القاعدة.

2 ـ إنّ استحباب الجامع في نفسه غير معقول، ولو فرضت القربيّة في أحد الجانبين أو كليهما فإنّ داعي القربة لا يمكنه التحريك نحوالجامع، لضروريّة الجامع بين الفعل والترك، ولا نحو الفرد بخصوصيّته الفرديّة، لخروج الخصوصيّة الفرديّة عن تحت الأمر بحسب الفرض.