المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

434

ورابعاً: أنّه مع غضّ النظر عن كلّ ما مضى لا يتمّ كلامه فيما لو دلّ خبر على الاستحباب ودلّ الخبر الآخر على كراهة الفعل لا على استحباب الترك، وقلنا: إنّ أخبار (مَن بلغ) بشمولها لروايات الكراهة تثبت الكراهة لا مجرّد رجحان الترك؛ وذلك للزوم وحدة مركز الحبّ والكراهة، ولا تنثلم وحدة المركز بأخذ قصد القربة.

 

البلوغ المعلوم الكذب:

الأمر الثاني: ذكر السيّد الاُستاذ ـ كما لعلّه المشهور أيضاً ـ: أنّ أخبار (مَن بلغ) لا تشمل الخبر المعلوم الكذب، وذكر في وجه ذلك دعوى الانصراف، وذكر أيضاً: أنّه يخرج منها الخبر الضعيف المحتمل الصدق المبتلى بالمعارضة لخبر صحيح دالّ على عدم الاستحباب؛ لأنّ ذلك الخبر الصحيح يجعلنا عالمين تعبّداً بالكذب، فيخرج المورد عن تحت أخبار (مَن بلغ) بالحكومة؛ إذ المفروض أنّه اُخذ في موضوعها عدم العلم بالكذب، وذكر أيضاً: أنّ هذه الأخبار منصرفة عن مورد دلّ الخبر الصحيح فيه على الحرمة، ثمّ أرجع هذا الانصراف إلى الانصراف الأوّل ببيان أنّه لمّا كان هذا الخبر الصحيح الدالّ على الحرمة يدلّ بالملازمة على عدم الاستحباب وكذب الخبر الضعيف فقد أصبحنا عالمين تعبّداً بكذبه، فخرج المورد عن تحت أخبار (مَن بلغ) بالحكومة.

أقول: إنّ خروج الخبر المقطوع الكذب عن تحت أخبار (مَن بلغ) ممّا لا محيص عنه؛ وذلك لأنّه وإن كان دخوله فيها ممكناً ثبوتاً؛ إذ المفروض عند السيّد الاُستاذ أنّ هذه الأخبار تدلّ على الاستحباب النفسيّ لا على جعل الحجّيّة حتّى يقال: إنّه لا يعقل جعل الحجّيّة مع القطع بالكذب، ومن المعلوم معقوليّة جعل الاستحباب بعنوان البلوغ ولو كذباً، لكنّه ـ مع هذا ـ خارج عن مفاد تلك الأخبار