المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

436

ذكر المحقّق العراقيّ(رحمه الله)(1): أنّ ذلك متفرّع على ما هو المختار فيما هو مفاد هذه الأخبار، فإن كان المختار فيها جعل الحجّيّة جاز له ذلك؛ لأنّه وإن اختصّ البلوغ بهذا الشخص فصار حجّة لهذا الشخص، لكنّ مفاد ذلك الخبر البالغ الذي صار حجّة هو الاستحباب للكلّ، وإن كان المختار فيها جعل الاستحباب النفسيّ بعنوان البلوغ لم يجز له ذلك؛ لأنّ موضوع هذا الاستحباب هو البلوغ، وهذا الموضوع إنّما تحقّق بشأن هذا الشخص دون ذاك.

أقول: أمّا الشقّ الأوّل من كلامه وهو أنّه على تقدير الحجّيّة يجوز الإفتاء بالاستحباب للجميع، فيرد عليه: أنّه على تقدير اختصاص الحجّيّة بمن بلغه هذا الخبر ـ بحسب ما اعترف(رحمه الله) به ـ يكون جواز الإفتاء بالاستحباب للجميع مع عدم علمه وجداناً بالاستحباب للجميع مبنيّاً على القول بقيام الأمارة مقام القطع الموضوعيّ، ونحن وإن كنّا نقول فيما يكون دليل حجّيّته سيرة العقلاء، أو مثل قوله: (يونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني) بقيامه مقام القطع الموضوعيّ في خصوص حكم الإفتاء والإسناد إلى الشارع، لكن لا نقول بذلك فيما نحن فيه؛ إذ مجرّد دليل الحجّيّة لا يدلّ عندنا على القيام مقام العلم الموضوعيّ، وإنّما يجب أن يستفاد ذلك بمؤونة زائدة، كشمول السيرة لذلك، أو دلالة الأخذ على ذلك، وهذا منتف فيما نحن فيه.

وبعد تسليم قيام الأمارة بدليل حجّيّتها مقام القطع الموضوعيّ نقول: إنّه يمكن الإيراد عليه(قدس سره) بأنّه وإن كان مفاد الخبر البالغ هو الاستحباب للجميع، لكنّه بحسب مقام الثبوت كما يعقل جعل الحجّيّة لتمام مفاد هذا الخبر كذلك يعقل جعل



(1) راجع نهاية الأفكار، القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 286، وهو صريح في خلاف ما نقله اُستاذنا(رحمه الله) هنا عنه.