المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

437

الحجّيّة لقطعة من مفاده، وهي الاستحباب لهذا الشخص الذي بلغه هذا الخبر، وإذا كان كلا الأمرين معقولاً بحسب عالم الثبوت قلنا: إنّ المتيقّن بحسب عالم الإثبات هو الثاني؛ لأنّ الحجّيّة هنا إنّما استكشفناها بلسان الترغيب في العمل، والترغيب الموجود في هذه الأخبار ـ كما ترى ـ مختصّ بعمل من بلغه دون عمل الجميع.

لكنّ الإنصاف أنّه بعد تسليم أصل مبنى قيام الأمارة مقام القطع الموضوعيّ يكون الصحيح ما ذكره(رحمه الله) من صحّة الإفتاء بالاستحباب للجميع؛ وذلك لأنّ المرتكز في نظر العقلاء في باب جعل الحجج هو فرض عدم التقطيع في المفاد بحسب الأفراد، وأدلّة جعل الحجج تنصرف ـ لا محالة ـ إلى ما يلائم المرتكزات العقلائيّة في باب الحجج، فتلغى عرفاً خصوصيّة هذا الفرد، ويصحّ بذلك الإفتاء بالاستحباب للجميع.

والتحقيق في المقام: منع اختصاص الحجّيّة المجعولة في هذه الأخبار بخصوص من بلغه الخبر الضعيف، بل تشمل حتّى من لم يبلغه، والسرّ في ذلك أنّ البلوغ في دليل الحجّيّة لم يؤخذ بحسب المتفاهم العرفيّ موضوعاً، وإنّما اُخذ طريقيّاً، فدليل حجّيّة الخبر البالغ يدلّ على حجّيّة أصل ذلك الخبر للجميع، وإنّما البلوغ المأخوذ في الكلام في الحقيقة بلوغ للحجّة.

وأمّا الشقّ الثاني من كلامه، فالإنصاف أنّه إشكال صحيح وارد على المشهور ـ على مانسب إليهم من استفادة الاستحباب النفسيّ من هذه الأخبار ـ حيث يفتون بالاستحباب مطلقاً بقاعدة التسامح في أدلّة السنن.

وإن كان دفع السيّد الاُستاذ ـ على ما أتذكّر(1) ـ هذا الإشكال بأنّ هذا الإفتاء



(1) لم أجد ذلك في الدراسات ولا في المصباح، ولعلّ اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) يذكر ذلك مباشرة عن اُستاذه.