المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

438

لا بأس به؛ إذ إنّ أيّ شخص وصله هذا الإفتاء صار الإفتاء صدقاً بالنسبة له؛ لحصول البلوغ بنفس وصول هذا الإفتاء إليه، وأيّ شخص لم يصله هذا الإفتاء لا يهمّ أمر هذا الإفتاء بالنسبة لذاك الشخص.

أقول: يرد عليه:

أوّلاً: أنّه يتحقّق محذور الكذب بالنسبة لوصول هذا الإفتاء إلى بعض الأشخاص وإن كان الكذب بلحاظ أشخاص آخرين، فإنّ من وصله هذا الإفتاء قد اُخبِر بالاستحباب حتّى بالنسبة لمن لم يصله.

وثانياً: أنّه لو فرض أنّ المحذور ليس هو محذور الكذب، وينحصر المحذور في محذور الإغراء بالجهل، فأيضاً لا يصحّ هذا الكلام، وتوضيح ذلك: أنّ في المقام استحبابين: أحدهما استحباب ثابت، وهو الاستحباب الذي دلّت عليه أخبار (مَن بلغ)، والآخر استحباب محتمل، وهو الاستحباب الذي دلّ عليه ذاك الخبر الضعيف، وبلوغ هذا الاستحباب موضوع لذاك الاستحباب، ويستحيل أن يكون بلوغ استحباب موضوعاً لنفس ذاك الاستحباب على حدّ استحالة أخذ العلم بالحكم في موضوع شخص ذلك الحكم.

وعندئذ نقول: إنّ المفتي بالاستحباب إن فرض أنّه أفتى بالاستحباب تعليقاً وبنحو القضيّة الشرطيّة، أي: أنّه قال: (مَن بلغه استحباب هذا العمل صار هذا العمل مستحبّاً له) فهذه القضيّة الشرطيّة لا تُحقِّق شرطها إلاّ إذا فرض أنّه عُرِف من حال الفقيه أنّه يكون مبناه في التكلّم على هذا النحو ـ أي: أنّه يتكلّم بمثل هذه القضيّة الشرطيّة ويقصد بذلك الإخبار بموضوع الشرط ـ ولا كلام لنا بشأن هذا الشخص.

وإن فرض أنّه أفتى بالاستحباب الفعليّ قلنا: إنّ هذا الإفتاء إن كان إفتاءً بالاستحباب الذي دلّ عليه الخبر الضعيف، فالمفروض عدم دلالة أخبار (مَن بلغ) على حجّيّة ذلك الخبر الضعيف، فكيف يفتي بلا حجّة؟ وإن كان إفتاءً بالاستحباب