المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

440

 

البراءة في الشبهات الموضوعيّة

التنبيه الثالث: في البراءة في الشبهات الموضوعيّة.

إنّ جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة محلّ الوفاق تحقيقاً أو تقريباً بين القائلين بالبراءة في الشبهات الحكميّة والمنكرين لها، ولكنّ هنا بحثين:

أحدهما: أنّه هل يجري في مورد الشبهات الموضوعيّة تمام أقسام البراءة الجارية في الشبهات الحكميّة أو لا؟

والآخر: أنّه بعد الفراغ عن جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة لدى الشكّ في التكليف وعدمه لدى الشكّ في المكلّف به يتكلّم عن بعض الصغريات المشتبهة، وبيان الضابط في التمييز بين القسمين.

 

أقسام البراءة في الموضوعات

أمّا البحث الأوّل: فبالنسبة للبراءة الشرعيّة لا إشكال في شمول إطلاق بعض أدلّتها للشبهات الموضوعيّة كحديث الرفع، حيث عرفت فيما مضى أنّ المأخوذ فيه سنخ جامع ينطبق على كلّ شيء من الشبهات الحكميّة والموضوعيّة، كقوله تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا﴾ وإن كان بعض أدلّتها لا يشمل الشبهات الموضوعيّة كقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً...﴾ على ما مرّ بيانه فيما سبق.

وممّا يدلّ على البراءة في الشبهات الموضوعيّة بالخصوص، أو بشمول إطلاقه لها حديث: (كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال).

وهنا إشكال في الاستدلال بهذا الحديث على البراءة مبنيّ على دعوى اختصاص مفاده بموارد العلم الإجماليّ، بقرينة قوله: (فيه حلال وحرام) وقوله: (حتّى تعرف الحرام بعينه)، وذلك الإشكال هو: أنّه وإن كان عندئذ يدلّ بالأولويّة