المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

444

 

ضابط الشكّ في التكليف والمكلّف به

وأمّا البحث الثاني: وهو بيان الضابط في الشبهات الموضوعيّة لموارد الشكّ في التكليف، وموارد الشكّ في المكلّف به. فقد ذكر المحقّق النائينيّ(قدس سره) في رسالته في اللباس المشكوك كلاماً يكون مفاده بحسب الصياغة التي صاغها بها غامضاً، فنحن نصوغ جوهر كلامه في صياغة اُخرى توضيحاً لمقصوده(رحمه الله).

فجوهر ما أفاده في المقام هو: أنّ الضابط في جريان البراءة أو الاشتغال في الشبهات الموضوعيّة هو أنّه إن كان الشكّ فيما يستتبع التكليف كان ذلك مجرىً للبراءة؛ إذ الشكّ في المستتبِع يوجب الشكّ في المستتبَع، فيتحقّق الشكّ في أصل التكليف، وإن لم يكن الشكّ فيما يستتبع التكليف بل كان تمام ما يستتبع التكليف معلوماً، كان ذلك مجرىً للاشتغال.

وتفصيل ذلك: أنّ التكليف له أطراف ثلاثة: أحدها المتعلّق كشرب الخمر في (لا تشرب الخمر)، والصلاة في (صلِّ)، وثانيها موضوع التكليف، ومرادنا من موضوع التكليف هنا هو متعلّق المتعلّق، أي: ذاك الشيء الخارجيّ الذي يكون المتعلّق مربوطاً به كالخمر في (لا تشرب الخمر)، والقبلة في (صلِّ إلى القبلة)، وثالثها القيود المأخوذة في نفس التكليف، وهي عبارة عن الشرائط العامّة كالبلوغ والعقل ووجود المكلّف خارجاً، والشرائط الخاصّة كدخول الوقت مثلاً، وكالاستطاعة في الحجّ ونحو ذلك.

والشكّ تارةً يفرض وقوعه في أصل التكليف بقطع النظر عن الأطراف الثلاثة، وهذا خروج عمّا نحن فيه؛ لأنّ الشبهة عندئذ لا يمكن أن تتصوّر بنحو الشبهة الموضوعيّة، واُخرى يفرض وقوعه في الأطراف، وعندئذ يعقل فرض الشكّ بنحو الشبهة الموضوعيّة، وفي هذا الفرض نتكلّم في ضابط جريان البراءة والاشتغال، وهنا نبدأ من الطرف الثالث فنقول:

أمّا الطرف الثالث ـ وهو قيود التكليف وشرائطه العامّة أو الخاصّة ـ: فلا