المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

445

إشكال في أنّه عند الشكّ فيه يرجع إلى البراءة؛ لأنّ الشكّ فيه يستوجب الشكّ فيأصل التكليف؛ إذ قيود التكليف تكون ممّا يستتبع التكليف، فالشكّ فيه داخل فيما مضى من الضابط.

وأمّا الطرف الثاني ـ وهو موضوع التكليف ـ: فتارةً يفرض الموضوع أمراً جزئيّاً فرغ عن وجوده كالقبلة في (الصلاة إلى القبلة)، واُخرى يفرض أمراً كلّيّاً:

فإن فرض الأوّل: فلا معنى للشكّ فيه؛ إذ هو خلف فرض الفراغ عن وجوده.

وإن فرض الثاني: فتارةً يكون ذلك مأخوذاً بنحو صرف الوجود كما في (توضّأ بالماء)، واُخرى يكون مأخوذاً بنحو مطلق الوجود كما في (أكرم العالم):

فإن كان مأخوذاً بنحو صرف الوجود: فتارةً يكون الشكّ في أصل وجود الموضوع ممّا يستتبع التكليف، والشكّ فيه شكّ في أصل التكليف، واُخرى يكون الشكّ في فرد آخر زائداً على الفرد المعلوم، كما لو وجد فرد من الماء وشكّ في فرديّة مائع آخر للماء، وعندئذ لا يكون الشكّ في التكليف؛ إذ التكليف مسلّم بوجود الفرد الأوّل، ولا يستوجب الفرد الثاني زيادةً في التكليف؛ إذ لا يجب الوضوء إلاّ بماء واحد بنحو صرف الوجود، وإنّما الشكّ في الفرد الثاني شكّ في توسعة دائرة الامتثال فتجري ـ لا محالة ـ أصالة الاشتغال دون البراءة.

وإن كان مأخوذاً بنحو مطلق الوجود: فالشكّ في كلّ فرد يكون شكّاً في أصل التكليف؛ لأنّ الحكم ينحلّ إلى عدّة قضايا شرطيّة شرطها تحقّق الموضوع وجزاؤها الحكم على نهج القضيّة الحقيقيّة، فهناك أحكام عديدة كلّ واحد منها إنّما أصبح فعليّاً بتحقّق شرطه ـ أي: بوجود موضوعه ـ فكما أنّ فعليّته تتوقّف على وجود موضوعه، كذلك تنجّزه يتوقّف على العلم بوجود موضوعه، فإذا قال المولى مثلاً: (أكرم العالم) فشكّنا في عالميّة أيّ فرد من الأفراد شكّ في تحقّق تكليف مستقلّ