المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

446

مرتبط بذاك الفرد، والمفروض أنّه ما لم يتحقّق ذاك الشرط لم يصبح التكليف فعليّاً، إذ فعليّته تتبع وجود الموضوع، فلا محالة يقع الشكّ في التكليف فتجري البراءة.

وأمّا الطرف الأوّل ـ وهو المتعلّق ـ: فتارةً يفرض لهذا المتعلّق متعلّق، أي: يفرض أنّ التكليف له موضوع كما في وجوب الوقوف بعرفة، أو حرمة الإفاضة عنها، واُخرى يفرض عدم الموضوع، وكون مصبّ الحكم هو ذات فعل الشخص من دون أن يتعلّق بشيء، كما في حرمة الغناء، وكما لو فرض وجوب ذات التكلّم من دون أن يتعلّق بشيء:

فإن فرض الثاني: فلا معنى للشكّ في المتعلّق؛ إذ هذا المتعلّق تارةً يفرض فعلاً اختياريّاً مباشريّاً للمكلّف، واُخرى يفرض مسبّباً توليديّاً له، فإن كان فعلاً اختياريّاً مباشريّاً له كما في وجوب التكلّم، فلا معنى للشكّ فيه؛ إذ الشخص لا يشكّ في فعله حين صدوره منه، ولا يعقل أن يشكّ في أنّه في هذا الآن هل هو يتكلّم، أو لا؟ نعم، يعقل الشكّ فيه بعد مضيّ زمان الفعل الذي هو مجرىً لمثل قاعدة الفراغ، لكنّه خارج عمّا نحن فيه، وإن كان مسبّباً توليديّاً كما في وجوب قتل الكافر مثلاً الذي يتولّد عن ضربه بالرصاص مثلاً، فالشكّ فيه لا يكون إلاّ من باب الشكّ في المحصّل وهو خارج عمّا نحن فيه، ومن الواضح جدّاً كونه مورداً للاشتغال دون البراءة.

وإن فرض الأوّل: فعندئذ يعقل ثبوت الشكّ في المتعلّق بلحاظ نسبته إلى موضوعه(1)، وذلك كما إذا شكّ في الوقوف بعرفات من ناحية الشكّ في دخول



(1) قد يقال: إنّ هذه الصياغة من التقسيم ليست الصياغة المثلى، فإنّ الشكّ في المتعلّق بلحاظ نسبته إلى الموضوع مع قسم مضى وهو الشكّ في الموضوع بمعنىمتعلّق

المتعلّق دائماً متلازمان ومتصادقان على مورد واحد، فالأولى في مقام البيان هو صياغة التقسيم بالشكل الوارد في اللباس المشكوك للمحقّق النائينيّ(رحمه الله) وهي ما يلي: أنّ متعلّق التكليف إمّا أن يكون فعلاً اختياريّاً غير متعلّق بموضوع خارج الاختيار، أو يكون متعلّقاً به، فالأوّل لا يتصوّر الشكّ فيه من غير مثل جهة النسيان بعد الفراغ إلاّ في المسبّب التوليديّ الذي هو مورد للاشتغال، والثاني إمّا أن يفترض فيه أنّ متعلّق المتعلّق جزئيّ خارجيّ كالقبلة وعرفة والمشعر، أو يفترض كلّيّاً، فإن فرض جزئيّاً فهذا القسم يزداد على القسم الأوّل في أنّه يتصوّر الشكّ فيه من ناحية نسبة الفعل إلى متعلّق المتعلّق، فقد يدور الأمر بين متباينين كما في الصلاة إلى جهتين لدى شكّنا في جهة القبلة، وهنا يجري الاشتغال، وقد يدور الأمر بين الأقلّ والأكثر، ومثاله ما إذا تردّد الموقف في المشعر أو عرفات بين الأقلّ والأكثر من جهة الشبهة الخارجيّة، وهنا فصّل(رحمه الله) بين الشبهة الوجوبيّة كما في وجوب الوقوف، والتحريميّة كما في حرمة الإفاضة. وإن فرض كلّيّاً فهنا فصّل(رحمه الله)بين صرف الوجود ومطلق الوجود، فقال في صرف الوجود بأنّ الشكّ في الفرد الزائد لا يؤدّي إلى الشكّ في التكليف، بل يكون من الشكّ في الامتثال. وأمّا الشكّ في أصل وجود صرف الوجود فيعود إلى الشكّ في القدرة، يلحقه حكم تلك المسألة، وقال في مطلق الوجود بالانحلال وجريان البراءة لدى الشكّ. راجع رسالة المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في اللباس المشكوك، ص 252 ـ 258.

وأمّا كون الضابط في جريان البراءة أو الاشتغال في الشبهات الموضوعيّة كون الشكّ فيما يستتبع التكليف وعدمه، فلم أره في الرسالة.