المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

448

يكون الصحيح في جريان البراءة وعدمه التفصيل بين الشبهات الوجوبيّة كما في وجوب الوقوف بعرفات، والشبهات التحريميّة كما في حرمة الإفاضة من عرفات، ففي الاُولى تجري أصالة الاشتغال، وفي الثانية تجري أصالة البراءة.

والسرّ في ذلك أنّ في باب الأوامر تكون مطابقة الفعل لذلك العنوان الذي تعلّق به الأمر داخلة تحت دائرة الطلب، فيطلب المولى كون الوقوف وقوفاً بعرفات، فالشكّ في تحقّق المطابقة شكّ في تحقّق الامتثال، وهذا بخلاف باب النواهي، فإنّ مطابقة الفعل للعنوان المنهيّ عنه ليست داخلة تحت دائرة الطلب، فإنّ المولى لا يطلب منّا المطابقة للعنوان المنهي عنه، وإنّما المولى ينهى عن الفعل بشرط مطابقته لذلك العنوان، فينهى عن الشرب مثلاً على تقدير كونه شرباً للخمر، فالمطابقة في باب النواهي تكون قيداً للتكليف وشرطاً له، فالشكّ فيها شكّ في قيود التكليف الذي مضى أنّه مجرىً للبراءة. هذا كلّه بيان لمقصود المحقّق النائينيّ(رحمه الله)في المقام.

أقول: أمّا ما ذكره من عنوان الضابط في المقام من أنّ الشكّ إن كان فيما يستتبع التكليف كان مجرىً للبراءة، وإلاّ كان مجرىً للاشتغال، فهو من دون تأويل غير صحيح، والصحيح هو ضابط آخر يقتنص ممّا سنذكره ـ إن شاء الله ـ في التفصيلات.

وأمّا ما ذكره من التفصيلات فتحقيق الكلام فيها أن يقال:

إنّ ما ذكره في المتعلّق في فرض عدم وجود موضوع للحكم من أنّه لا يتصوّر الشكّ فيه، يرد عليه: أنّه من الممكن أن يفرض هذا المتعلّق محدّداً بحدود دقيقة بحيث يحصل الشكّ من نفس الفاعل في حال الفعل في ذلك، كما لو حرم على المكلّف ترسيم دائرتين متساويتين، فشكّ المكلّف في حين عمله في أنّه هل هذا ترسيم لدائرتين متساويتين، أو تختلف إحداهما عن الاُخرى ولو بقليل؟ فهذا