المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

450

تحت الحكم في كلّ من بابي الأوامر والنواهي، وباعتبار آخر قيداً للحكم في كلا البابين، فلا وجه للتفصيل بينهما من هذه الناحية.

والتحقيق في المقام: أنّ العبرة في جريان البراءة وعدمه سواء كان الشكّ من ناحية المتعلّق ـ كما هو المفروض فعلاً ـ أو من ناحية الموضوع، أو من ناحية القيود إنّما هي بكون الحكم بنحو البدليّة أو الشموليّة، فإن كان بنحو الشموليّة وحصل الشكّ كان المرجع البراءة، وإن كان بنحو البدليّة وحصل الشك، كان المرجع الاشتغال بلا فرق في ذلك بين باب الأوامر وباب النواهي، وبلا فرق بين فرض ذلك الحكم الشموليّ انحلاليّاً أو حكماً واحداً.

والسرّ في ذلك أنّ الحكم إذا كان بنحو البدليّة فالشكّ ليس في سعة دائرة التحريك المولويّ وضيقها حتّى تجري البراءة ويكون المرجع هو الاشتغال. وأمّا إذا كان شموليّاً فالشكّ يقع في سعة دائرة التحريك المولويّ وضيقها، فتجري البراءة الشرعيّة، وكذا العقليّة بناءً على الإيمان بها بلا فرق بين فرض الحكم انحلاليّاً فيكون الشكّ في تكليف آخر غير التكليف المعلوم، وفرضه غير انحلاليّ، فإنّه عندئذ وإن لم يكن الشكّ شكّاً في التكليف إلاّ أنّه شكٌّ في سعة دائرة التحريك المولويّ وضيقها، فتجري البراءة.

ومن هنا ظهر ما في الضابط الذي ذكره المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) في المقام من أنّه إذا كان الحكم واحداً كان المرجع الاشتغال، وإن كان متعدّداً كان المرجع البراءة، فإنّه إن قصد بالوحدة والتعدّد ما ذكرناه من البدليّة والشموليّة ورد عليه: أنّ الشموليّة لا تستلزم التعدّد؛ إذ قد يكون الحكم بنحو المجموعيّة لا الانحلال فلا يكون الحكم متعدّداً. وإن قصد بالتعدّد ما يضادّ المجموعيّة(1) ورد عليه ما عرفت



(1) كلامه(رحمه الله) في التنبيه الثالث من تنبيهات البراءة صريح في هذا المعنى، راجع الكفاية، ج 2، ص 200 بحسب طبعة المشكينيّ.