المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

453

ثمّ إنّ المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله)(1) أورد على المحقّق النائينيّ(رحمه الله): أنّ فرض كون البراءة في الشكّ في فرد من أفراد الموضوع إذا كان الموضوع مأخوذاً بنحو مطلق الوجود تابعة لكون القضيّة حقيقيّة في غير محلّه، بل تجري البراءة حتّى مع فرض القضيّة خارجيّة، فلو وجب إكرام كلّ من في العسكر مثلا بنحو القضيّة الخارجيّة، وشكّ في وجود زيد في العسكر وعدمه فهذا حكم انحلاليّ، وتجري البراءة من الحكم بوجوب إكرام زيد.

أقول: إن فرض أنّ المقصود بكون القضيّة خارجيّة كون عنوان (مَن في العسكر) مثلاً مجرّد عنوان مشير، وأنّ الواجب في الحقيقة إكرام اُولئك الأشخاص المعيّنين حتّى لو فرض عدم وجودهم في العسكر، إلاّ أنّهم صدفة اجتمعوا هناك، فالشكّ في وجوب إكرام زيد وعدمه شبهة حكميّة لا موضوعيّة، وهي خارجة عمّا نحن فيه.

وإن فرض أنّ المقصود بذلك أنّه وإن كان لعنوان (مَن في العسكر) دخل في الحكم لكنّ الحكم لا يشمل الأفراد المقدّرة الوجود كمايشمل الأفراد المحقّقة الوجود؛ لأنّ عنوان (مَن في العسكر) ليس هو تمام الدخيل في الحكم، بل هنا جهة اُخرى أيضاً دخيلة في الحكم موجودة في خصوص الأفراد الذين هم بالفعل في العسكر لا في كلّ من قدّر وجوده في العسكر، فعندئذ لمّا كان عنوان (مَن في العسكر) دخيلاً في الحكم فلا محالة تكون القضيّة في قوّة القضيّة الشرطيّة، شرطها عنوان (مَن في العسكر) بالنسبة لأشخاص معيّنين، وجزاؤها الحكم، إلاّ أنّ الشرط مفروض التحقّق، والقضيّة الشرطيّة لا تخرج عن كونها قضيّة شرطيّة بتحقّق شرطها.

وبمراجعة عبارة المحقّق النائينيّ(قدس سره) في المقام يظهر أنّ الذي يستفاد من كلامه



(1) راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 231.