المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

454

ليس هو كون العبرة في جريان البراءة بعنوان كون القضيّة حقيقيّة، وإنّما العبرة في جريانها بكون القضيّة شرطيّة فعليّتها تتبع فعليّة شرطها على نهج الحال في القضايا الحقيقيّة، ولا يخفى الفرق الموجود بين الأمرين. نعم، هو(قدس سره)يرى أنّ الأحكام الكلّيّة الشرعيّة كلّها تكون من باب القضايا الحقيقيّة.

وعلى أيّ حال، فقد عرفت أنّ الضابط في جريان البراءة وعدمه في الشبهات الموضوعيّة هو كون الحكم بدليّاً أو شموليّاً.

وعندئذ نشرع في تطبيق هذا الضابط على موارد الحكم الوجوبيّ والحكم التحريميّ، فنقول: إنّ كلاًّ من الفعل والترك يصلح لأن يقع متعلّقاً للحكم الوجوبيّ تارةً وللحكم التحريميّ اُخرى، فيقع الكلام في مقامين:

 

حالة تعلّق الحكم بالفعل:

المقام الأوّل: في فرض أخذ الفعل متعلّقاً للحكم وجوباً أو تحريماً، وهذا يتصوّر على أقسام باعتبار أنّ الفعل يمكن لحاظه بأنحاء عديدة:

القسم الأوّل: أن يجعل الفعل متعلّقاً للحكم بنحو صرف الوجود، ومرادنا من صرف الوجود هو كون المتعلّق ذات الطبيعة بلا أيّ مؤونة زائدة. وفي هذا القسم أفادوا أنّ الأمر يقتضي الإتيان بفرد واحد والنهي يقتضي ترك جميع الأفراد؛ لأنّ الطبيعة توجد بوجود فرد واحد ولا تنعدم إلاّ بانعدام تمام الأفراد.

واستنتج المحقّق العراقيّ(قدس سره) من ذلك:(1) أنّ الأمر يسقط بالامتثال بإتيان فرد



(1) إلاّ أنّ المحقّق العراقيّ(رحمه الله) سمّى ما سمّـاه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) هنا بصرف الوجود بالطبيعة المبهمة، حيث حمل مصطلح صرف الوجود على ما يساوق أوّل الوجود. راجع المقالات، ج 1، ص 82 ـ 83، وص 121 ـ 122، وراجع نهاية الأفكار، ج 1، ص 403 ـ 406.