المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

457

يكون وجوده بوجود فرد واحد وعدمه بعدم تمام الأفراد، فإنّ بديل كلّ وجود هو عدمه المطرود به، لا عدم شيء آخر، ووجود فرد لا يطرد إلاّ عدم نفسه لا عدم فرد آخر.

ثمّ أورد(قدس سره) على نفسه بأنّ هناك شيئاً يكون وجوده بوجود فرد واحد، وعدمه بعدم تمام الأفراد، وذلك هو الوجود الأوّل، فإنّ وجوده يكون بوجود واحد، وهو أوّل الوجودات، ولكنّ انعدامه إنّما يكون بانعدام تمام الأفراد؛ لأنّه بمجرّد أن يوجد فرد يتحقّق الوجود الأوّل فصار عدم تمام الأفراد بديلاً عن وجود فرد واحد.

وأجاب على ذلك بأنّ بديل الوجود الأوّل أيضاً ليس إلاّ عدمه المطرود به، ولا يطرد وجوده إلاّ عدم نفسه، غاية الأمر أنّ هناك ملازمة بين عدم الفرد وعدم سائر الأفراد؛ إذ لا يعقل ثان مثلاً بلا أوّل.

أقول: إنّ التقابل بين الوجود والعدم يكون في عوالم ثلاثة:

الأوّل: هو التقابل بلحاظ العالم الخارجيّ، و هنا يتمّ ما أفاده(قدس سره)فإنّهما بلحاظ العالم الخارجيّ متقابلان بملاك الطارديّة والمطروديّة، فالوجود بلحاظ العالم الخارجيّ يطرد العدم، وكلّ وجود طارد بالذات لعدم نفسه دون شيء آخر وإن كان قد يطرد شيئاً آخر بالعرض كطارديّة الشيء لضدّه.

 


وجود يطرد عدمه البديل له لا عدمه وعدم غيره، فأوّل الوجودات أوّل ناقض للعدم، ونقيضه عدم هذا الأوّل. نعم، لازم هذا العدم الخاصّ بقاء سائر الأعدام على حالها، فإنّ عدم الوجود الأوّل يستلزم عدم الثاني والثالث...، لا أنّه عينها، فما اشتهر من أنّ الطبيعة توجد بوجود فرد واحد، وتنعدم بانعدام تمام الأفراد ممّا لا أساس له.