المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

461

لأنّ المفروض أنّ القضيّة مهملة لكنّ نفس السلب يولّد الكلّيّة، لما عرفت من أنّ الطبيعة لا تنتفي إلاّ بانتفاء تمام الأفراد.

وأمّا الفرق الثاني: فعدم انحلاليّة الأمر بلحاظ متعلّقه يكون على القاعدة، لما برهنّا عليه في باب المطلق والمقيّد من أنّ مقتضى القاعدة في المتعلّقات كون الإطلاق غير انحلاليّ، وفي الموضوعات كونه انحلاليّاً، فالذي يحتاج إلى نكتة زائدة هو الانحلاليّة في النهي بلحاظ متعلّقه، فنقول في بيان ذلك: إنّ وحدة النهي تكون بوحدة الملاك، ووحدة الملاك هنا تستلزم أن لا يكون متعلّق النهي هو الطبيعة على إطلاقها، بل يكون هناك قيد دخيل في متعلّق النهي؛ وذلك لأنّه إن فرضت هناك مفسدة واحدة، فهي إمّا أن يفرض كونها في أحد الأفراد على سبيل البدل، أو كونها في مجموع الأفراد، فإن فرض الأوّل، فالمفسدة إنّما تتحقّق ـ لا محالة ـفي الخارج بالفرد الأوّل؛ لأنّ المعلول يستند إلى أسبق علله(1)، فمتعلّق المبغوضيّة



(1) صحيح أنّ المعلول يستند إلى أسبق علله، ولكن بما أنّ الفرد الأوّل لم يكن مؤثّراً إلاّ بمحض اشتماله على الطبيعة من دون دخل لباقي خصوصيّاته في التأثير، وإنّما اختصّ هو بالتأثير دون باقي الأفراد لمحض أنّه سبقها وملأ الفراغ، فلم يبق مجال لتأثير باقي الأفراد، كان جعل ذات الطبيعة متعلّقاً للنهي أمراً عرفيّاً لا يحسّ فيه بمؤونة، فلو كان الطعام الفلانيّ يورث العمى وكانت الأكلة الثانية لا تورث العمى لا من باب قصور فيها عن التأثير، بل من باب أنّ العمى قد حصل بالعلّة الاُولى، فلم يبق مجال لتأثير الأكلة الثانية، فجعل النهي متعلّقاً بطبيعيّ أكل ذاك الطعام لا بخصوص الأكلة الاُولى لا يحسّ فيه بأيّ مؤونة عرفيّة تنفى بالإطلاق، فالأولى في تعليل الانحلال في باب النواهي ما ذكره اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في الدورة المتأخّرة فيما كتبناه عنه في بحث النواهي من أنّ غلبة انحلاليّة المفسدة فيما فيه المفسدة أدّت إلى ظهور النهي في الانحلال.