المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

462

والانزجار النفسيّ للمولى إنّما هو الفرد الأوّل. فالنهي يتعلّق به لا بالطبيعة. وإن فرض الثاني فالمفسدة إنّما تحصل في الخارج بتحقّق الفرد الأخير؛ لأنّه الجزء الأخير من العلّة، فمتعلّق المبغوضيّة والانزجار إنّما هو الفرد الأخير، فالنهي يتعلّق به لا بالطبيعة، فإذا تعلّق النهي بالطبيعة عرفنا أنّ المفسدة ثابتة في جميع الأفراد بنحو التعدّد لا بنحو المجموعيّة أو البدليّة، وإذا تعدّدت المفسدة تعدّدت الحرمة لا محالة.

هذا، وما ذكرناه من النكتة للانحلال لا توجد فيما لو فرض أنّ متعلّق النهي كانت له أفراد عرضيّة فقط دون أفراد طوليّة، فإن كانت كذلك وكان المتعلّق ممّا يعقل تعدّده بدون تعدّد الموضوع، أو لم يكن الموضوع ملحوظاً للشارع فلم يحصل الانحلال من ناحية الموضوع، ولم تكن هناك نكتة خاصّة للانحال لا يكون اللفظ ظاهراً في الانحلال(1)، فمثلاً لو قال المولى: (لا تضرب هذا الحجر في هذا الآن) ولم نستفد من ذلك بمناسبات المقام مثلاً أنّ هذا النهي ناشئ من كون هذا الحجر عزيزاً على المولى فيتحفّظ من ورود نقص أو تلف عليه حتّى يكون ذلك قرينة على أنّ تعدّد الضرب يوجب تعدّد المبغوض بالنسبة إليه، فضرب العبد الحجر في ذلك الآن بكلتا يديه، ولم تكن اليد ملحوظة للمولى من باب كونها موضوعاً لمتعلّق الحكم، فهنا لا يكون الكلام ظاهراً في الانحلال، ولا يثبت في المقام تعدّد العصيان(2).



(1) النكتة الاُخرى للانحلال التي أشرنا إليها في التعليق السابق والتي نقلناها عن الدورة المتأخّرة لبحث اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ـ إن تمّت ـ تأتي في هذا الفرض أيضاً.

(2) طبعاً هذا بعد فرض تعدّد الضرب في هذا المثال عرفاً بأن لا يحسب الضرب باليدين كالضرب بالإصبعين من يد واحدة ضرباً واحداً ذا جزءين عرفاً، بل يحسب كالضرب بعصاءين، أو يبدل مثال الضرب باليد بالضرب بالعصا، حيث لا إشكال في تعدّد الضرب عرفاً في ذلك.