المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

463

بقي هنا شيء لا بأس بإلفات النظر إليه، وهو: أنّه إذا تعلّق الأمر والنهي بالطبيعة فنكتة الفرق الأوّل لا تظهر ثمرتها في المقام؛ إذ نكتة الفرق الثاني كما تقتضي الفرق الثاني وهو الانحلال تقتضي ـ لا محالة ـ الفرق الأوّل وهو اقتضاء النهي لترك تمام الأفراد، فلا تظهر هنا فعاليّة نكتة الفرق الأوّل(1)، ولكن يظهر تأثيرها


(1) لا يخفى أنّ نكتة الانحلال في باب النواهي لو كانت عبارة عمّا أفاده(رحمه الله) في المقام من أنّ المفسدة لو كانت في أحد الأفراد على سبيل البدل لكان المترقّب تعلّق النهي بالفرد الأوّل؛ لأنّ المعلول يستند إلى أسبق العلل، ولو كانت في مجموعها لكان المترقّب تعلّق النهي بالفرد الأخير لأمكن ذكر هذه النكتة في باب الأوامر أيضاً بأن يقال: لو كانت المصلحة في أحد الأفراد على سبيل البدل لكان المترقّب أن يتعلّق الأمر بالفرد الأوّل؛ لأنّه هو العلّة لتلك المصلحة؛ لأنّ المعلول يستند إلى أسبق علله، ولو كانت في مجموع الأفراد لكان المترقّب تعلّق الأمر بالمجموع، إلاّ أن يجاب على ذلك بأنّ نكتة الفرق الأوّل وهي أنّ الطبيعة توجد بوجود فرد واحد، ولا تنعدم إلاّ بانعدام كلّ الأفراد، هي التي تصحّح الفرق الثاني؛ وذلك لأنّ الطبيعة لمّا كانت توجد بوجود الفرد الأوّل كان الأمر بها في قوّة الأمر بالفرد الأوّل، فأصبح الأمر بالطبيعة مع الأمر بالفرد الأوّل سيّان عرفاً، فكون المصلحة في أحد الأفراد على سبيل البدل لا يعيّن تعلّق الأمر بالفرد الأوّل، بل يناسب أيضاً تعلّقه بالطبيعة، وهذا بخلاف باب النهي، حيث إنّ الطبيعة لا تنعدم إلاّ بانعدام كلّ الأفراد، وإن كان انعدام الفرد الأوّل ملازماً لذلك. فإن صحّ هذا الكلام قلنا: إذن أصبحت تماميّة الفرق الثاني متوقّفة على نكتة الفرق الأوّل، فليس من الصحيح القول بأنّ نكتة الفرق الثاني أغنتنا هنا عن نكتة الفرق الأوّل. هذا كلّه إذا جعلنا نكتة الانحلال في باب النواهي ما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في المقام.

أمّا إذا جعلنا نكتة الانحلال في باب النواهي ما أفاده(رحمه الله) في بحث النواهي فيالدورة المتأخّرة من غلبة انحلاليّة المفسدة، فإن اقتصرنا في ذلك على دعوى أنّ المفسدةحينما