المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

468

 

البراءة في المستحبّات

التنبيه الرابع: في البراءة في المستحبّات.

أمّا البراءة العقليّة: فلا معنى لجريانها فيها حتّى على القول بصحّتها في نفسها، فإنّها تنفي العقاب، ولا عقاب في المستحبّات.

وأمّا البراءة الشرعيّة: فذكر السيّد الاُستاذ(1) ناظراً في كلامه إلى حديث الرفع: أنّ البراءة لا تجري عند الشكّ في أصل الاستحباب الاستقلاليّ؛ إذ معنى جريان البراءة فيه هو نفي استحباب الاحتياط بالنسبة له، كما أنّ معنى جريان البراءة في الواجبات هو نفي وجوب الاحتياط بالنسبة لها، ومن المعلوم أنّه لا يمكن نفي استحباب الاحتياط بالبراءة، فإنّ جعل استحباب الاحتياط مقطوع به ومسلّم به عند الطائفتين، نعم، تجري البراءة عند الشكّ في الاستحباب الضمنيّ ـ أي: الشكّ في جزئيّة شيء أو شرطيّته للمستحبّ ـ وذلك استطراقاً إلى جواز الإتيان بالباقي بقصد الأمر بالعمل المطلق وعدم لزوم التشريع من ذلك، وبكلمة اُخرى: إنّ هذا الجزء وإن لم يكن متّصفاً بالوجوب النفسيّ لكنّه متّصف بالوجوب الشرطيّ، وهذا المقدار من الوجوب يصحّ رفعه ظاهراً.

أقول: يرد على الشقّ الأوّل من كلامه ـ وهو منع جريان البراءة عن الاستحباب الاستقلاليّ ـ: أنّه لا مانع من إجراء البراءة عنه ونفي استحباب الاحتياط، ولا نسلّم كون استحباب الاحتياط أمراً جزميّاً لا يمكن نفيه بذلك، فإنّ الوجه في جزميّة استحبابه إن كان هو أخبار الاحتياط فهي بقرائن في أنفسها لا تشمل المستحبّات، فمثلاً أخبار التثليث التي تقول: «حلال بيّن وحرام بيّن



(1) راجع مصباح الاُصول، ج 2، ص 270 ـ 271.