المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

91

قِبَله ـ تعالى ـ يكون بالنسبة للأحكام الكلّيّة دون الموضوعات الخارجيّة، لكن التحقيق: أنّ هذا مبنيّ على حمل الإيتاء على إيتائه ـ تعالى ـ بما هو مولىً لا إيتائه بما هو مكوّن الكون ومعطي كلّ شيء، فإنّ الإيتاء المولويّ هو الذي يختصّ بالأحكام، وحمل الإيتاء على هذا المعنى خلاف مورد الآية الذي هو المال، فلابدّ من حمله على الإيتاء التكوينيّ الذي يعمّ إيتاء المال بمعنى رزقه، وإيتاء الفعل بمعنى الإقدار عليه، وإيتاء الحكم بمعنى إيصاله، سواء كانت الشبهة حكميّة أو موضوعيّة.

وبالنسبة للسؤال الثاني لا إشكال في إطلاق الآية للشبهة الوجوبيّة والتحريميّة، ولا وجه لفرض اختصاصها بإحداهما.

وبالنسبة للسؤال الثالث نقول: إنّها مختصّة بما بعد الفحص، فإنّنا وإن قلنا: إنّ الإيتاء في الأحكام بمعنى الإيصال لكن الإيتاء إنّما استعمل في مفهومه الجامع الذي يكون الإيصال أحد مصاديقه، و هو الإعطاء الذي يكون في المال بالرزق، وفي الفعل بالإقدار، ومن المعلوم أنّه يكفي في إعطاء الحكم جعله في معرض الوجدان بحيث لو فتّش عنه لوجده، ولا يتوقّف صدق إعطائه على حصول هذا التفتيش والوجدان، وهذا الاختصاص بما بعد الفحص له أثر كبير في مقام ملاحظة النسبة بين هذه الآية وأخبار الاحتياط، فإنّه لو كانت الآية مطلقة من هذه الناحية كما كانت مطلقة من النواحي الاُخرى، وكان إخراج ما قبل الفحص منها بحاجة إلى تقييد خارجيّ، فأخبار الاحتياط ـ إن تمّت دلالتها ـ تتقدّم على هذه الآية، سواء فرضنا اختصاصها بالشبهات الحكميّة التحريميّة، أو اختصاصها بمطلق الشبهات الحكميّة، أو شمولها للحكميّة والموضوعيّة أيضاً، فإنّها ـ على أيّ تقدير ـ أخصّ من هذه الآية؛ إذ الآية إنّما دلّت على البراءة ونفي الاحتياط بالإطلاق، لكون ما آتاها شاملاً بالإطلاق للمال المرزوق والفعل المقدور والحكم المعلوم،