المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

97

وفضولاً من الكلام من قبيل أن يقال: كلّ شيء متحرّك حتّى يسكن، أو كلّ شيء ساكن حتّى يتحرّك، فتعيّن المعنى الثالث وهو الإباحة الظاهريّة، ويكون ذلك قرينة على أنّ المراد بالورود هو الوصول لا الصدور، فإنّ الصدور لا يرفع موضوع الحكم الظاهريّ، وهو الشكّ في الواقع، وإنّما يرتفع موضوعه بالوصول.

أقول: إنّ هنا احتمالاً لم يبطل بهذه الإشكالات، وهو أن يكون الحديث في مقام بيان الملازمة بين الحلّيّة الواقعيّة وعدم صدور النهي بمعنى الخطاب الخارجيّ، لا بمعنى الاعتبار النفسانيّ، أو المبغوضيّة. وهذا ليس فضولاً من الكلام وبياناً للملازمة بين أحد الضدّين وعدم الآخر مع وضوح ذلك، وإنّما هو إخبار عن أنّه مهما لم يصدر من المولى خطاب، فالحكم الثابت في عالم الثبوت، هو الحلّ في مقابل أن يحتمل شخص ـ بالرغم من عدم صدور خطاب بالحرمة ـ أن يكون الحكم في عالم الثبوت هو الحرمة(1).



(1) جاء في مصباح الاُصول الجزء الثاني، ص 281 جواب على هذا الاحتمال، وهو أنّ هذا الاحتمال إنّما يناسب زمن الرسول(صلى الله عليه وآله) الذي هو زمان تكميل التشريع بالتدريج، فيقال: كلّ ما لم يرد فيه النهي فهو حلال، ولا حاجة إلى السؤال والفحص عن حكمه. أمّا في زمان الصادق(عليه السلام)فالمفروض أنّ التشريع مكتمل، والشكّ إنّما يكون بلحاظ الشكّ في الورود، ويجب فيه الفحص، وحمل الرواية على عصر الرسول(صلى الله عليه وآله) خلاف الظاهر، فإنّ ظاهر قوله: «كلّ شيء مطلق» هو الإطلاق الفعليّ والإباحة الفعليّة بلا تقييد بزمان دون زمان.

أقول: إنّ هذا البيان يرد عليه ما سيورده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في المتن قريباً من الجوابين على إشكال أورده على ما لديه من احتمال معنىً رابع للإطلاق والإباحة، فراجع.