المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

108

أو استصحابه في جانب الصلاة، فإنّ جريان الأصل المثبت في أحد الطرفين شرعيّاً أو عقليّاً موجب عندهم لانحلال العلم الإجماليّ انحلالاً حكمياً، كما سيأتي تفصيله ـ إن شاء الله ـ.

ولكن اتّضح في بحثنا مع الأخباريين في وجوب الاحتياط في الشبهات وعدمه: أنّ الأصل المثبت في أحد الطرفين لا يوجب الانحلال الحكميّ، وإنـّما الذي يترقّب حلّه للعلم الإجماليّ حكماً هو الأصل النافي في الطرف الآخر، وعليه فلا يمكن تبرير الأصل النافي في المقام بالانحلال، فبناءً على العلّيّة لا يمكن إجراء الأصل هنا، وأمـّا بناءً على ما هو الصحيح من الاقتضاء، فيجري الأصل وينحلّ به العلم الإجماليّ.

نعم، نحن لا نقول لما قالوا به من عدم منع العلم الإجماليّ عن شيء من الاُصول المؤمّنة، بل نفصّل بين الاُصول المؤمّنة الثلاثة التي تبحث في علم الاُصول، وهي أصالة البراءة، وأصالة الحلّ، والاستصحاب.

وتوضيح ذلك: أنّه لا مانع ثبوتاً عن جريان شيء من هذه الاُصول في المقام، لمنع القول بالعليّة، ولا إثباتاً من باب معارضة الأصلين لغرض عدم المعارضة، لكن يوجد مانع اثباتي عن بعضها، وهو قصور الدليل في نفسه عن إثبات المقصود، من حلّيّة خصوص هذا الطرف، وهذا المانع موجود في أصالة البراءة؛ لما مضى من أنـّها غير ناظرة إلاّ إلى رفع الإلزام من ناحية ذات احتمال التكليف، لا إلى رفع الإلزام حتى من ناحية العلم الإجماليّ، واحتمال انطباق المعلوم بالإجمال.

وأمـّا الاستصحاب فلا بأس بجريانه في المقام؛ لأنّ دليل الاستصحاب يثبت الحالة السابقة حتى مع لحاظ العلم الإجماليّ.

وكذلك الحال في أصالة الحلّ، بناءً على ما مضى من أنّ صحيحة عبد الله بن سنان ناظرة إلى فرض العلم الإجماليّ، بقرينة كلمة (بعينه)، وأنـّها ظاهرة في النظر إلى فرض اشتمال الكلّي على أفراد محللة وأفراد محرّمة، أما لو فرضناها ناظرة إلى فرض اشتمال الكلّ على الجزء المحلل والجزء المحرم، أو فرضاناها مجملة، فلا يمكن التمسّك بها في المقام؛ وذلك لأنّ الحديث ـ بناء على حمله على النظر إلى الكلّ المشتمل على الجزء الحرام ـ إنـّما يدلّ بمدلوله المطابقي على الترخيص في المجموع، الذي هو ترخيص فى المخالفة القطعيّة، وهذا خاصّ بموارد العلم الإجماليّ، إلاّ أنـّه يختصّ بالشبهة غير المحصورة؛ لعدم الترخيص في الشبهة