المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

110

فالحديث ينطبق على هذا الجبن ويحكم بحلّيّته، وقد جعل هذا الحكم مُغيّىً بالعلم التفصيليّ بالحرمة، فلا ينتفي هذا الحكم إلاّ بذلك، لا بالعلم الإجماليّ بعدم اتيان الصلاة، أو حرمة هذا الجبن.

والخلاصة: أنّ الحديث بمدلوله المطابقي يدلّ على حلّيّة هذا الجبن، ولو لم يكن طرفاً لعلم إجماليّ متعلّق بحرمة بعض أفراد الجبن؛ إذ يكفي في شمول الحديث له كونه مصداقاً لكلّيّ يكون بطبيعته منقسماً إلى حلال وحرام، سواء وجد فعلاً علم إجماليّ بالحرمة أو لا.

وأمّا على المعنى الثاني فالتحليل منصبّ على المركَّب من الحلال والحرام مع عدم تمييز الحلال من الحرام، فهو مُختصّ بمدلوله المطابقي بفرض العلم الإجماليّ غير المنحلّ، باشتمال الجبن على الحرام وتحليل المجموع، وإسراء الحكم إلى ما نحن فيه يتوقّف على التعدّي من مورد الحديث إلى هذا المورد، وتقريب التعدّي هو أن يقال: إنّ ما نحن فيه وإن لم يفرض الجبن طرفاً لعلم إجماليّ بحرمة بعض أفراد الجبن، فالشكّ بلحاظ دائرة الجبن قد يكون شكّاً بدوياً، ولكن التعدّي إليه يتمّ بما أشرنا إليه، من دعوى أنـّه إنْ صحّ تحليل الجبن لدى طرفيّته لعلم إجماليّ من هذا القبيل، فالعرف يتعدّى إلى فرض الشكّ البدوي، وعدم طرفيّته لذلك، أو دعوى وجود شكّ بدويّ من هذا القبيل عادة وغالباً في أطراف الشبهة غير المحصورة.

ولكنّنا قد أوضحنا أنّ هذا التعدّي في المقام غير ممكن؛ لعدم تأتّي شيء من النكتتين، لأنّ الشكّ في المقام ليس شكاً بدوياً صرفاً لاقترانه ـ حسب الفرض ـ بالعلم الإجماليّ بعدم الإتيان بالصلاة، أو حرمة هذا الجبن، فهذا يمنع عن تعدّي العرف، كما أن وجود علم من هذا القبيل في أطراف الشبهة غير المحصورة ليس غالبياً.

وقد يقال: إنّنا نفترض أوّلاً وجود علمين إجماليّين في المقام: أحدهما: العلم الإجماليّ غير المحصور بحرمة بعض أفراد الجبن في البلد، والثاني: العلم الإجماليّ بعدم الإتيان بالصلاة أو كون هذا الجبن هو المنطبق عليه المعلوم بالإجمال بالعلم الأوّل، ونفترض أنّ احتمال كون الحرام هو هذا الفرد من الجبن كان أقوى من الاحتمال في باقي أطراف العلم الإجماليّ الأوّل، بحيث لم يكن هناك اطمئنان بالخلاف، لا مساوياً لها، كي يلزم من كثرة الأطراف الاطمئنان بعدم كون هذا الفرد هو