المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

112

لكنّه كان محكوماً في أحد الطرفين لأصل مثبت مثلاً، كما لو جرت أصالة الحلّ في نفسها في كلا الطرفين، وكان الاستصحاب في أحدهما مثبتاً للحرمة، فيقال عندئذ: إنّ أصالة الحلّ تجري في الطرف الآخر؛ لأنـّها غير مبتلاة بمشكلة المعارضة، لسقوط ما يعارضها بحكومة الاستصحاب عليه.

وهذا الكلام صحيح، إلاّ أنّ هنا شبهة تقدّم ذكرها مع الجواب عنها بالمناسبة في بعض الأبحاث السابقة، وهي:

أنّ معارضة الأصلين في الطرفين كانت بنكتة المحذور العقلي، أو الارتكاز العقلائي، وذلك يكون لوضوحه وبداهته بحكم القرينة المتّصلة، خصوصاً بناءً على كون المحذور هو الارتكاز العقلائي ـ كما هو المختار ـ، فإنّ معنى الارتكاز هو الوضوح في الأذهان، وإذا كان الأمر كذلك، حصل الإجمال في دليل الأصل، أي: أنـّه سقط دليل الأصل عن الظهور، لا عن حجّيّة الظهور، وبعد فرض انحفاظ أصل الظهور، فإنّ المخصص إذا كان متّصلاً مجملاً أوجب إجمال العامّ لصلاحيته للقرينيّة بالنسبة لأيّ واحد من الفردين، بخلاف ما لو كان منفصلاً، فإنـّه ـ عندئذ ـ لا يوجب الإجمال، بل يبقى الظهور على حاله لكنّه يسقط عن الحجّيّة إن كان المخصّص مردّداً بين المتباينين.

وإذا أصبح دليل الأصل مجملاً بلحاظ هذين الطرفين، وغير ظاهر في الترخيص في شيء منهما، فمجرّد وجود أصل مثبت حاكم في أحد الطرفين لا يوجب رفع الاجمال حتى يجري الأصل في الطرف الآخر بلا محذور.

وهذه الشبهة لو تمّت فهي لا تجري في أربعة فروض، وتختصّ بغيرها:

الفرض الأوّل: ما إذا ادّعى أنّ المحذور العقليّ، أو العقلائيّ مخصّص منفصل لا متّصل، فإنّ الظهور ـ عندئذ ـ يبقى محفوظاً، فيجري الأصل في الجانب الذي لا يوجد فيه أصل حاكم؛ لوجود المقتضي وهو أصل الظهور، وعدم المانع وهو حجّيّة الظهور في الطرف الآخر.

ولكنّ دعوى كون المحذور منفصلاً لا كالمتّصل لا مجال لها، بناءً على ما اخترناه: من كون المحذور عقلائياً، فإنّ هذا الارتكاز العقلائيّ إنّ لم يصل إلى درجة هدم الظهور لا قيمة له، فإنّ تأثيره فى حسابنا إنـّما هو باعتبار هدمه للظهور، لا أنّ هناك حجّيّة لهذا الارتكاز بذاته.

إذن فدعوى كون المحذور منفصلاً لا كالمتّصل، إنـّما يكون لها مجال بناءً