المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

140

بعدم وجوب كلتا الصلاتين، فكلّ منهما بدلالته الالتزامية يكذّب الآخر فيتعارضان.

الثانية: ما توجد في الأمارات النافية للتكليف، مع العلم الإجماليّ المنجّز بالتكليف، وهي نفس تنجيز العلم الإجماليّ، كما لو دلّ خبر على حلّيّة شيء، وخبر آخر على حلّيّة شيء آخر، مع العلم الإجماليّ بحرمة أحدهما.

وهذه الاطمئنانات لا تتعارض في الحجّيّة، لا بالنكتة الأولى، ولا بالنكتة الثانية:

أمـّا عدم تعارضها بالنكتة الاُولى، فلأنّ كلّ اطمئنان من هذه الاطمئنانات لا يكذّب الاطمئنان الآخر، لاحتمال كون النجاسة في إناء ثالث، نعم، يمكن أن يتوهّم أنّ كلّ اطمئنان منها يعارض مجموع الاطمئنانات الاُخرى، كما يصنع ذلك بالأمارات المتعارضة التي تكون دائرة المعارضة فيها أوسع من اثنين، فلو أخبر ثقة بوجود زيد، والآخر بوجود عمرو، والثالث بوجود بكر، فكلّ خبر يعارض مجموع الخبرين الآخرين، لكن هذا الكلام هنا غير صحيح، لما عرفت من أنّ مجموع الاطمئنانات لا تكشف عن طهارة المجموع، فلا يقع تعارض بين اطمئنان واحد، ومجموع باقي الاطمئنانات؛ إذ لم تُثبت بمجموعها طهارة مجموع الباقي المستلزمة لنجاسة هذا الفرد.

وأمـّا عدم تعارضهما بالنكتة الثانية، فلوجهين:

أحدهما: ما عرفت من عدم ارتكاز المناقضة عقلائياً بين الترخيص في المخالفة القطعيّة، والتكليف المعلوم بالإجمال إذا كانت الشبهة غير محصورة، فكما قلنا في مثل أصالة الحلّ: إنـّه لا مانع من جريان الأصل في تمام الأطراف، وإن لزم منه الترخيص في المخالفة القطعيّة؛ لعدم مناقضة ذلك ارتكازاً للتكليف المعلوم بالاجمال، كذلك نقول هنا: إنـّه لا مانع من حجّيّة هذه الاطمئنانات وإن لزم منها الترخيص في المخالفة القطعيّة، لعدم مناقضة ذلك ارتكازاً للتكليف الملعوم بالإجمال.

وثانيهما: ما نقوله في المستوى الثالث الأرفع، وذلك المستوى هو أنـّه بعد أنْ عرفت أنّ هذه الاطمئنانات لا تتعارض بملاك التكاذب نقول: إنـّه لا مانع من حجّيّة الجميع، حتّى إذا لم نوافق على ارتفاع محذور تنجيز حرمة المخالفة القطعيّة بكون الشبهة غير محصورة؛ وذلك لأنـّنا ننكر أصل لزوم الترخيص في المخالفة القطعيّة من حجّيّة هذه الاطمئنانات؛ وذلك لأنّ بناء العقلاء على حجّيّة الاطمئنان ليس معناه إلاّ أنّ