المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

142

بالإجمال. والثاني: الاطمئنان بالإمتثال.

وتظهر فائدة الثاني في مورد لم يوجد أصل يشمل فرض العلم الإجماليّ، كما لو احتيج إلى نفي النجاسة لتصحيح الوضوء به مثلاً، مع العلم الإجماليّ بالنجاسة في الشبهة غير المحصورة، ولم يوجد استصحاب عدم النجاسة لتوارد الحالتين، أو لكون الحالة السابقة النجاسة، وأصالة الطهارة لوثبتت في مثل هذا المورد ـ لولا العلم الإجماليّ ـ فحالها حال أصالة البراءة في عدم شمولها لفرض العلم الإجماليّ.

هذا، وقد ذكر لإثبات عدم وجوب الاجتناب في الشبهة غير المحصورة وجوه اُخرى غير الوجهين المختارين:

منها - ما مضى عن المحقق النائيني (قدّس سرّه) من عدم القدرة على المخالفة القطعيّة.

ومنها - ما استدلّ به بعض من الإجماع. وهذا الإجماع وإن كان لعلّه ممّا يطمأن بوقوعه خارجاً في الجملة، إلاّ أنّ من المحتمل أو من المطمأن به ـ أيضاً ـ أن يكون المستند فيه أحد الوجهين اللذين ذكرناهما، خصوصاً مسألة التمسّك بأدلّة الاُصول، كما تمسّك بذلك جملة من الفقهاء كالشيخ الأنصاري، وصاحب الحدائق (قدّس سرّهما)، وغيرهما ممّن تعرّض للشبهة غير المحصورة من الاُصوليين والمحدّثين؛ لأنـّهم بواقع عرفيّتهم وارتكازهم لم يروا هنا مناقضة بين التكليف الواقعي المعلوم بالإجمال وبين الترخيصات في الأطراف، فهذه الذهنية العرفية الخالية من ارتكاز المناقضة دعتهم إلى التمسّك بأدلّة الاُصول في الشبهات غير المحصورة، وَنِعمَ ما صنعوا، فمع فرض الظنّ بأنّ المستند هو هذا لا معنى للتعويل على الإجماع في المقام كحجّة تعبّديّة مستقلّة.

نعم، يكون الإجماع مؤيّداً لما ذكرناه من عدم ارتكاز المناقضة؛ إذ هؤلاء المجمعون كانوا من العرف والعقلاء، ومع ذلك لم يستوحشوا من الإفتاء بالترخيص، ولم تمنعهم ذهنيتهم العرفية عن الالتزام بذلك.

ومنها - ما استدلّ به بعض من قواعد نفي الحرج. وهذا مبتن على ما هو الصحيح، كما حققناه في بحث الانسداد من شمول قواعد نفي الحرج لفرض تأتّي الحرج من الاحتياط في أطراف العلم الإجماليّ، خلافاً للمحقق الخراساني (قدّس سرّه).

لكنّ الاستدلال بنفي الحرج فيما نحن فيه في غير محلّه؛ إذ ليس ثبوت الحرج في الاجتناب عن تمام الأطراف لازماً لبعض مراتب كثرة الأطراف، وإنـّما هو أمر