المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

154

مثال الأوّل: أعني فرض كون بعض تلك الاُصول مسانخاً لذاك الأصل وبعضها غير مسانخ ـ : ما لو علم إجمالاً بوقوع خلل في إحدى صلاتين؛ إحداهما حاضرة، والاُخرى فائتة، وكانت تجري في كلّ واحدة منهما قاعدة الفراغ، فتتعارض القاعدتان، ونرجع بالنسبة للصلاة الحاضرة إلى أصالة الاشتغال، وبالنسبة للصلاة الفائتة إلى الأصل غير المتسانخ، ولنفرضه أصالة البراءة عن القضاء مثلاً.

ومثال الثاني: ما لو صلّى صلاة الوقت الحاضر بالطهارة الاستصحابية عن الحدث، ثم علم إجمالاً بأنـّه إمـّا لم يكن طاهراً عند صلاته في الوقت الحاضر، أو أنّ صلاة الوقت الماضي كان فيها خلل، فهنايقول الأصحاب: إنـّه بعد تعارض الاستصحاب في هذه الصلاة، وقاعدة الفراغ في الصلاة الماضية، يرجع إلى أصالة الاشتغال في هذه الصلاة، والبراءة عن القضاء في الصلاة الماضية، لكن الصحيح سقوط هذه البراءة أيضاً بالتعارض، كما يظهر وجهه من مراجعة التنبيه الثاني.

هذا، والأصحاب يقولون في جميع هذه الفروض الثلاثة بالانحلال، ويختلفون في وجه الانحلال حسب اختلافهم في وجه الانحلال الحكمي بشكل عامّ، فوجه الانحلال الحكمي بشكل عامّ عند المحقّق العراقي (قدّس سرّه) هو أنـّه إذا وجد منجّز في أحد طرفي العلم الإجماليّ فقد تنجّز به، فالمعلوم بالإجمال على تقدير كونه في هذا الطرف لا يقبل التنجيز بالعلم الإجماليّ؛ إذ هو منجَّز بذاك المنجِّز، ويشترط في منجّزيّة العلم الإجماليّ كون المعلوم بالإجمال قابلاً للتنجز به على كلّ تقدير، فهذا الوجه العامّ طبّقه في المقام أيضاً، وقد مضت منّا فيما سبق مناقشة هذا الوجه.

ووجه الانحلال الحكمي بشكل عامّ عند مدرسة المحقّق النائيني (قدّس سرّه) هو أنّ قوام تنجيز العلم الإجماليّ يكون بتعارض الاُصول، فإذا كان أحد الطرفين مجرى لمنجِّز، فيجري الأصل في الطرف الآخر بلا معارض، فيطبّق هذا الوجه في المقام أيضاً، وتحقيق هذا الوجه يظهر بمراجعة التنبية الثاني.

والنتيجة: هي التفصيل بين الفروض الثلاثة بالنحو الذي عرفت.

وأمـّا الكلام في الأمر الأوّل، وهو أنـّه إذا كان أحد أطراف العلم الإجماليّ طرفاً لعلم إجمالي آخر، فهل يوجب هذا انحلاله حكماً بتنجّز أحد أطرافه، أو حقيقةً بواسطة طرفيّة ذاك الطرف لعلم إجماليّ آخر أو لا ؟

فنقول: إن فرض أنّ العلمين متقارنان معلوماً وعلماً، فلا إشكال في عدم