المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

156

على تقدير وقوع القطرة في الإناء الأحمر، أو في الإناء الأسود، مع فرض كون النجس الأوّل هو الأبيض لا الأسود، قد ولّدت القطرة في المقام تكليفاً، لكن على تقدير وقوعها في الأسود، مع كونه هو النجس الأوّل لم تولّد تكليفاً، فليس لنا علم إجمالي بالتكليف، والمنجّز ليس هو مطلق العلم الإجماليّ، وإنـّما هو العلم الإجماليّ بالتكليف، ففي عالم التكليف يكون العلم الإجماليّ في المقام منحلاّ حقيقة.

ثم نأتي إلى صورة إفراز تقدّم العلم عن تقدّم المعلوم، كما لو فرضنا أنـّه علم إجمالاً بعد ساعتين من الظهر بنجاسة الإناء الأسود أو الأحمر من الآن، ثمّ بعد ساعة اُخرى علم بأنـّه من أوّل الظهر كان الإناء الأسود أو الأبيض نجساً، فهنا نقول: إنّ العلم بنجاسة الإناء الأسود أو الأحمر، حينما حصل كان علماً بالتكليف، وكان منجّزاً، لكن بعد حصول العلم بنجاسة الإناء الأسود أو الأبيض سقط ذلك العلم عن التنجيز؛ لأنـّه خرج بقاءً عن كونه علماً بالتكليف؛ لأنـّنا عرفنا الآن أنّ القطرة الواقعة بعد ساعتين من الظهر ـ على تقدير وقوعها في الإناء الأسود ـ لم تؤثّر شيئاً في كونه هو النجس من أوّل الظهر، والعلم الإجماليّ إنـّما يكون منجِّزاً ما دام هو علماً بالتكليف، وإذا خرج عن كونه علماً بالتكليف سقط عن المنجّزية.

وقد ظهر بما ذكر أنّ فرض كون العلم الإجماليّ الثاني متعلّقاً بتكليف آخر من غير سنخ التكليف الأوّل الذي لا يتكرر، خارج عن كلام المحقّق النائيني (رحمه الله)، ولا يقول فيه بالانحلال، فلو علم أوّلاً بنجاسة أحدهما، ثمّ علم بأنـّه أصبح الآن أحدهما ملكاً لشخص آخر، وحرم شربه من باب حرمة شرب مال الغير، فهنا لا ينحلّ العلم الثاني بالعلم الأوّل؛ لأنـّه علم بتكليف جديد غير التكليف الأوّل، إذ حرمة الغصب حرمة اُخرى، غير حرمة شرب النجس، فهو يعلم بالتكليف على جميع التقادير، حتّى على تقدير كون المغصوب هو الإناء الأسود، مع كونه هو النجس من أوّل الأمر، فإنـّه ـ عندئذ ـ يحرم بحرمة اُخرى، غاية الأمر أنـّه تتجلّى هذه الحرمة في لباس التاكّد.

هذا تمام الكلام في ذكر مقصود المحقّق النائيني (قدّس سرّه).

أقول: إنّ هذا الكلام لا يرجع إلى محصّل في المقام، فلو علم من أوّل الظهر بوقوع الدم في أحد الإنائين: الأبيض أو الأسود، ثمّ علم بعد ساعتين بوقوع قطرة اُخرى من الدم الآن في الأسود أو الأحمر، فماذا يقصد المحقّق النائيني (قدّس سرّه) بعدم كون العلم الثاني علماً بالتلكيف؟