المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

159

الطرفين فهو بإعتبار ركاكة أن يقال: إنّ الذي أثّر هو المنجِّز بالحدّ الإجماليّ دون المنجِّز بالحدّ التفصيلي مثلاً، أو يقال بكلمة اخرى: إنّ العقلاء الذين هم المدركون لمسألة التنجيز والتعذير وخصوصيّاتهما يأبون عن تقديم منجِّز الحدّ الإجماليّ، على منجِّز الحدّ التفصيلي، دون العكس، فيوثّر هذا المنجّز، ولا يبقى مجال لتأثير ذاك المنجّز.

وهذا البيان -كما ترى- على فرض تماميته في نفسه لا يأتي في المقام، فإنـّه يوجد في المقام منجّزان إجماليّان في عرض واحد(1).

 


(1) لا يخفى أنّ المحقّق العراقي (رحمه الله) لا يقول في مورد تعلّق علم تفصيلي بأحد طرفي العلم الإجماليّ بالانحلال الحكمي، بنكتة تقديم تأثير العلم التفصيلي في التنجيز على تاثير العلم الإجماليّ فيه، وإنـّما يقول بذلك بنكتة أنّ العلم الإجماليّ والتفصيلي لا يمكن أن يبقيا علّتين تامّتين للتنجيز، وإلاّ لزم اجتماع علّتين على معلول واحد في متعلّق العلم التفصيلي، فيتحوّل كلّ منهما إلى جزء علّة، ويكون المجموع علّة واحدة للتنجيز، وبهذا يسقط التنجيز في الطرف الآخر، لأنـّه اختصّ بأحد جزئي العلّة.

وقد يقال: إنّ نظير هذا البيان يأتي فيما نحن فيه أيضاً، فكلّ من العلمين الإجماليين المتداخلين في أحد الطرفين - سواء فرضنا أحدهما متقدّماً زماناً، أو فرضناهما متعاصرين- يصبح جزء علّة في تنجيز الطرف المشترك؛ لاستحالة اجتماع علّتين على معلول واحد، ويسقط التنجيز في الطرفين الآخرين؛ لاختصاص كلّ واحد منهما بأحد جزئي العلّة.

وقد يجاب عن ذلك: بأنـّه فيما نحن فيه قد تكوّن في الحقيقة العلم الإجماليّ: إمـّا بنجاسة الطرف المشترك، أو بنجاسة الطرفين الآخرين، وهذا العلم هو المنجّز لكلّ الأطراف.

وقد يورد على ذلك: بأنّ هذا العلم الإجماليّ الثالث مع العلمين الأوّلين تشترك جميعاً في التنجيز، ويصبح كلّ منها جزء علّة للتنجيز في الطرف المشترك، ويبقى الطرفان الآخران بلا تنجيز؛ لأنّ كلاّ منهما اختصّ بجزئي العلّة من بين أجزاء ثلاثة للعلّة.

وقد يجاب عن ذلك: بأنّ العلمين الآخرين مندكّان في العلم الثالث، ولا توجد في الحقيقة علوم ثلاثة، وإنـّما العلمان الآخران كلّ منهما جزء تحليلي من العلم الثالث.

وقد يورد على ذلك: بأنـّه لِمَ لا تقولون بمثل هذا في مورد العلم الإجماليّ مع تعلّق العلم التفصيلي بأحد طرفيه، بأنّ يقال: إنّ العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين مع العلم التفصيلي