المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

160


بنجاسة الأوّل منهما يرجعان بروحهما إلى العلم الإجماليّ بين الأقلّ والأكثر، أي: العلم بنجاسة الأوّل أو نجاستهما معاً، وربما أنـّهما غير ارتباطيين. هذا عين الانحلال الحقيقي الذي أنكره المحقق العراقي، فعليه: إمـّا أنْ يعترف بالانحلال الحقيقي في مورد تعلّق العلم التفصيلي بأحد طرفي العلم الإجماليّ، أو أنْ لا يقول في المقام باندكاك العلمين في علم ثالث، ويقول بالانحلال الحكمي فيه بلحاظ الطرفين غير المشتركين.

إلاّ أنّ الواقع: أنّ هذا النقض غير وارد على المحقق العراقي، فإنـّه إنـّما يقول (رحمه الله) بعدم الانحلال في مورد تعلّق العلم التفصيلي بأحد طرفي العلم الإجماليّ، ببرهان أنّ احتمال انطباق الجامع على الطرف الآخر لا زال موجوداً، وطبعاً هذا الاحتمال ليس مندكّاً في طرف العلم التفصيلي وموجوداً في أحشائه، وكذلك لو ارجعناه إلى الأقلّ والأكثر، فاحتمال الأكثر ليس مندكّاً ضمن احتمال الأقلّ، وموجوداً في أحشائه. وأمـّا في المقام، فاحتمال انطباق الجامع المعلوم في كلا العلمين الأوّلين على الطرف غير المشترك، موجود ضمن احتمال انطباق الجامع المعلوم في العلم الثالث على الطرفين غير المشتركين، ومندكّ فيه، فدعوى اندكاك العلمين الأوّلين في الثالث ـ فيما نحن فيه ـ لا تلازم دعوى الانحلال في مورد تعلّق العلم التفصيلي بأحد طرفي العلم الإجماليّ.

وهذا البيان يأتي حتّى لو لم نبنِ على برهنة المحقّق العراقي على عدم الانحلال باحتمال انطباق الجامع على الطرف الآخر، بأن اخترنا برهاناً آخر على عدم الانحلال؛ وذلك لأنّ احتمال انطباق الجامع على الطرف الآخر ـ على أيّ حال ـ شرط في عدم الانحلال، فقد يقول منكر الانحلال هناك ومدّعي اندكاك العلمين في الثالث هنا: إنّ الفرق هو أنّ احتمال انطباق الجامع على الطرف الآخر لم يكن موجوداً في احشاء العلم التفصيلي، أو احتمال الأقلّ، وثابتاً ضمنه، في حين أنّ احتمال انطباق الجامع في المقام في العلمين الأوّلين على الطرف غير المشترك موجود في احشاءه احتمال انطباق الجامع في العلم الثالث على الطرفين غير المشتركين، ويكون كلّ منهما جزءاً منه، ولهذا قلنا هنا بالاندكاك، ولم نقل هناك بالانحلال.

ثمّ إنّ المستفاد من كلام المحقّق العراقي (رحمه الله) في نهاية الأفكار: أنّ الوجه في عدم انحلال العلم الإجماليّ الثاني انحلالاً حكمياً بالعلم الإجماليّ الأوّل، هو أنّ العلم الإجماليّ الأوّل وإن كان سابقاً زماناً، لكنّ تأثيره في التنجيز في كلّ آن إنـّما هو بوجوده في ذاك الآن، فهما في