المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

161

هذا، والمحقّق العراقي (قدّس سرّه) بنفسه اعترف بعدم تأتّي نظرية الانحلال هنا(1).

وأمـّا الانحلال على أساس المسلك الثاني، فقد يتوهّم ـ أيضاً ـ في المقام بلحاظ أنّ الإناء الأسود ليس مورداً للأصل؛ لتساقط أصله مع أصل الإناء الأبيض من قبل، فحينما يوجد العلم الثاني يكون الأصل في الإناء الأحمر خالياً عن المعارض.

وهذا قد انقدح جوابه ممّا ذكرناه بالنسبة للمسلك الأوّل، فهنا ـ أيضاً ـ نقول:


المقام بمنزلة العلمين المتعاصرين.

نعم، لو كنّا نفترض أنّ العلم الأوّل بوجوده الحدوثي، يوجب التنجيز إلى الأبد، لتمّ الانحلال في المقام؛ لأنّ أحد الطرفين قد تنجّز بالعلم السابق، فيبقى الطرف الآخر بلا منجّز.

أقول: إنّ توجيه هذا الكلام ـ وهو الانحلال على تقدير كفاية العلم الأوّل للتنجيز إلى الأبد ـ يكون بأنْ يقال: إنّ العلم الأوّل، وإن كان في قطعته الوجودية المعاصرة للعلم الثاني مندكّاً هو والعلم الثاني في علم ثالث، وهو العلم بنجاسة الثاني أو الأوّل والثالث، وهذا العلم يقتضي تنجيز كل الأطراف، ولكنّه في قطعته الوجودية السابقة ليس مندكّاً في العلم الثالث، لعدم معاصرته إيّاه، فلو فرضنا كفاية تلك القطعة الوجودية للتنجيز إلى الأبد، فإمّا أن يكون معنى ذلك أنّ ما تنجّز بها يبقى متنجّزاً إلى الأبد، ولا يعقل تأثير منجّز آخر عليه؛ لأنـّه تحصيل للحاصل، أو يكون معنى ذلك: أنّ القطعة الوجودية الاُولى للعلم الأوّل، تصبح هي مع أيّ علّة للتنجيز ـ فرضت في الزمان الثاني- علّة كاملة للتنجيز، فيكون كلّ منهما جزء علّة، سنخ ما يقال في سائر موارد اجتماع علّتين على معلول واحد.

فإن قلنا بالأوّل فالنتيجة هي: أنّ الإناء الأوّل والثاني اللذين هما طرفان للعلم الأوّل قد تنجّزا بالعلم الأوّل، ويبقى الإناء الثالث بلا منجّز؛ لأنّ العلم الإجماليّ بتنجّز الثاني أو الأوّل والثالث قد سقط عن التأثير في بعض أطرافه، فسقط عن التاثير في كلّ الأطراف حسب ما هو المفروض في مبنى المحقّق العراقي. من عدم إمكان تاثير العلم الإجماليّ في بعض الأطراف دون بعض.

وإن قلنا بالثاني فقد أصبح هذا العلم الإجماليّ الثالث جزء علّة في تنجيز الإناء الأوّل والثاني، والجزء الآخر هو القطعة الوجودية الاُولى للعلم الأوّل، ويبقى الإناء الثالث مختصّاً بأحد جزئي العلّة، فيسقط ـ أيضاً ـ عن التنجّز بعدم وجود علّة تامّة توجب التنجيز فيه.

(1) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 337.