المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

164

والصحيح هو كون الأثر الزائد داخلاً في دائرة العلم الإجماليّ، وتوضيح ذلك: أنـّه تارة يفرض الأثر المشترك، والأثر الخاصّ في موضوع واحد، ويكون العلم الإجماليّ بالنسبة للأثر المشترك بلحاظ السبب، كما لو علم إجمالاً بأنـّه استدان من زيد خمسة دنانير، أو نذر أن يعطيه عشرة دنانير، وهذا في الحقيقة خارج عمّا نحن فيه، ولا إشكال في جريان البراءة عن الزائد، لدوران الأمر بين الأقل والأكثر، فإنْ فرضا استقلاليّين، كما في الدين والنذر الانحلاليّ، فالبراءة جارية بلا كلام، وإن فرضا ارتباطيّين، كما في النذر ونحوه، إذا كان بنحو العموم المجموعيّ، فأيضاً تجري البراءة على ما يأتي (إن شاء الله) من أنّ التحقيق في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين هو جريان البراءة.

واُخرى يفرض الأثر في موضوعين، كما في مثال الماء والمضاف، ومثال الاستدانة من زيد أو من عمرو، وعندئذ إن كان الأقلّ والأكثر غير ارتباطيّين، كما هو الحال في مثال الدين، ومثال الماء والمضاف، فقد يتوهّم خروج الأثر الزائد عن دائرة العلم الإجمالي، ويمكن استقراب ذلك بهذا الوجه الصوريّ، وهو أنْ يقال: إنـّنا نعلم بخطاب لا يكون العمل بالزائد دخيلاً في امتثاله، وهو الخطاب بالأثر المشترك المردّد بين هذا الموضوع وذاك الموضوع، ولا نعلم وجود خطاب آخر غيره يكون ذلك دخيلاً في امتثاله.

لكن هذا غير صحيح، فإنـّه كما يمكن أنْ يقال: إنـّنا نعلم بخطاب لا يكون لترك الوضوء بهذا الماء دخل في امتثاله، وهو الخطاب بترك الشرب فى أحدهما، كذلك يمكن عكس المطلب، بأنْ يقال: إنـّنا نعلم إجمالاً بخطاب لا يكون لترك شرب الماء دخل في امتثاله، وهو الخطاب بترك شرب المضاف، أو بترك الوضوء بذلك الماء، ولا نعلم بوجود خطاب آخر غيره يكون ترك شرب الماء دخيلاً في امتثاله.

وهذا يكشف عن أنـّه يوجد في الحقيقة عندنا علمان إجماليّان مشتركان في طرف واحد، وهو الأثر المشترك في الجانب الذي لا يوجد فيه الأثر الزائد، والطرف الآخر في أحدهما هو الأثر المشترك فى الجانب الذي يوجد فيه الزائد، وفي الآخر هو الأثر الزائد فيه، و قد مضى أنـّه في مثل ذلك لا ينحلّ أحد العلمين الإجماليّين بالآخر.

وأمـّا إن كان الأقلّ والأكثر ارتباطيّين، كما لو علم إجمالاً بأنـّه نذر بنحو العامّ