المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

167

 

 

 

العلم الإجماليّ في الأحكام الظاهريّة

 

التنبيه السابع: قد عرفت حتى الآن حكم العلم الإجمالي الوجدانيّ بالحكم الواقعيّ، وأمـّا العلم الإجماليّ الوجدانيّ بالحكم الظاهريّ، كما لو قامت البيّنة على نجاسة أحد الإناءين، أو قل: العلم التعبّديّ بالحكم الواقعيّ، فهذا على قسمين: إذ تارةً يكون العلم الإجمالي في طول قيام الحجّة على فرد معيّن، كما لو شهدت البيّنة بنجاسة أحد الإناءين معيّناً، ثمّ تردّد عندنا بين هذا وذاك، واُخرى يكون الإجمال فى نفس البيّنة، أي: أنّ البيّنة بنفسها تشهد من أوّل الأمر بنجاسة فرد مردّد، بشرط أن لا نعلم أنـّها في الحقيقة تعلم بنجاسة فرد معيّن عنده، وإنـّما ترديده يكون من باب الإجمال في البيان فقط، وإلّا فهو داخل في القسم الأوّل.

 

العلم الإجماليّ في طول قيام الحجّة

أمـّا الكلام في القسم الأوّل وهو ما لو قامت البيّنة على نجاسة فرد معين وتردّد عندنا بين فردين ـ فلا إشكال في أنّ هذا كالعلم الوجدانيّ بالحكم الواقعيّ، وينجّز وجوب الموافقة القطعيّة، فضلاً عن حرمة المخالفة القطعيّة، إلّا أنّ هناك فوارق فنّية بين هذا العلم الإجمالي والعلم الإجمالي الوجدانيّ بالحكم الواقعيّ، قد تؤدّي أحياناً إلى ثمرة عملية، فلابدّ من التدقيق في إبراز تلك الفوارق، حتى يُرى أنـّه على أيّ منهما تترتّب ثمرة عمليّة فنقول:

الفارق الأوّل: وهو فارق جوهري بين علاقات الاُصول بعضها مع بعض في هذا العلم الإجماليّ، وعلاقات الاُصول بعضها مع بعض في العلم الإجماليّ الوجدانيّ بالحكم الواقعيّ، كما لو رأينا وقوع قطرة دم في أحد الإناءين، وذلك هو أنّ الاُصول في أطراف العلم الوجدانيّ بالحكم الواقعيّ، كان بابها باب تعارض الحجّة بالحجّة؛ لحجّيّة الأصل في كلّ من الطرفين لولا الأصل الآخر، وأمـّا فيما نحن فيه، فهنا قسمان من الاُصول، قسم يجري بلحاظ التأمين عن الواقع، كأصالة الطهارة