المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

170

على أيّ حال ـ باستصحاب النجاسة، وضمّ منجِّز إلى منجّز مع وحدة المنجَّز لا أثر له، فالبيّنة في ذلك الجانب، وجودها وعدمها على حدّ سواء، فلا يجري استصحاب عدم البيّنة هناك حتى يعارض استصحاب عدم البينة هنا، وإن بنينا على أنّ البيّنة تقدّم على الأصل الموافق لها، فالأمر أيضاً كذلك، فإنـّه وإن كنّا لا نعلم عندئذ بجريان استصحاب النجاسة في الطرف المسبوق بالنجاسة، لكنّنا على أيّ حال نعلم تفصيلاً بتنجّز الاجتناب عنه، إمـّا لكونه مورداً لاستصحاب النجاسة، أو لكونه مورداً لقيام البيّنة على النجاسة، فلا يجري استصحاب عدم البيّنة، وعليه فاستصحاب عدم البينة في الطرف الأوّل يكون ـ على أيّ حال ـ بلا معارض، وبعد إجرائه نتمسّك باستصحاب الطهارة أو أصالتها، فالنتيجة هي عين النتيجة في فرض العلم الوجدانيّ بالتكليف الواقعيّ، إذن فإلى هنا لم ننتهِ إلى أثر عملي للفرق بين العلمين.

الفارق الثالث: ما يترتّب ـ أيضاً ـ على الفارق الأوّل في فرضيّة اُخرى غير فرضيّة الفارق الثاني، ويتجلّى فيه الأثر العمليّ، وذلك كما إذا فرض في الطرفين أصلان عرضيّان نافيان مع أصل طولي ناف، كما إذا فرض أنـّه يجري في كلّ من الطرفين استصحاب الطهارة، وفي أحد الطرفين توجد في طول ذلك أصالة الحلّ، وفي الطرف الآخر لا يوجد أصل ناف طوليّ في عرض أصالة الحلّ، وعندئذ إن كان العلم علماً وجدانيّاً بالحكم الواقعي، كنّا نقول بالرجوع إلى أصالة الحلّ في الطرف الذي يوجد فيه هذا الأصل، إمـّا لما يقوله المحقق العراقي (قدس سره) من أنـّه بناءً على الاقتضاء يتعارض الأصلان العرضيّان ويتساقطان، وتصل النوبة إلى الأصل النافي الطوليّ، ولا يسقط بالمعارضة لكونه طوليّاً، أو لما يقوله السيّد الاُستاذ من إجمال دليل الاستصحابً؛ لعدم شموله لكلا الاستصحابين، وكون شموله لأحدهما دون الآخر ترجيحاً بلا مرجّح، وعدم إجمال دليل أصالة الحلّ؛ لاختصاصها في نفسها بأحد الطرفين،

وأمـّا في فرض العلم الإجمالي بقيام البيّنة على نجاسة أحدهما المعيّن، فلا يمكن الرجوع إلى أصالة الحلّ في الطرف الذي يكون مورداً لأصالة الحلّ، سواء كان الوجه في الرجوع إلى أصالة الحلّ في العلم الوجدانيّ بالحكم الواقعيّ هو البيان الأوّل، أو كان هو البيان الثاني.

أمـّا على الأوّل فلأنـّه هنا لم يتعارض الأصلان العرضيّان، بل أحدهما حجّة، والآخر غيرُ حجّة، ونعلم إجمالاً بان مورد أصالة الحلّ إمـّا يوجد فيه الاستصحاب