المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

171

الحاكم على أصالة الحلّ، أو البيّنة الحاكمة عليها، فنعلم تفصيلاً بعدم جريان أصالة الحلّ.

وأمـّا على الثاني، فلأنّ دليل الاستصحاب ليس مجملاً، لما قلنا من انّ الأصلين ليس كلّ منهما في نفسه حجّة، بل أحدهما حجّة والآخر غير حجة، فبناءً على أنّ استصحاب الطهارة مقدّم على أصالة الحلّ نعلم ـ أيضاً ـ تفصيلاً بعدم جريان أصالة الحلّ، إمـّا للاستصحاب، أو للبيّنة، وبناءً على عدم تقدّمه عليه، تكون أصالة الحلّ حالها حال استصحاب الطهارة في هذا الطرف في الدخول في دائرة اشتباه الحجّة باللاحجّة، فإنـّه نعلم إجمالاً بأنـّه إمّا أن لا يكون الاستصحاب في ذاك الطرف حجّة؛ لقيام البينة على الخلاف، أو لا يكون الاستصحاب ولا أصالة الحلّ في هذا الطرف حجّة؛ لقيام البيّنة على الخلاف.

 

قيام الحجّة في طول العلم الإجماليّ:

وأمـّا الكلام في القسم الثاني: وهو ما لو كانت الحجّة في طول العلم الإجماليّ لا العكس، كما لو شهدت البيّنة بنفسها على نجاسة أحد الإناءين بنحو الترديد، فيقع في مقامين:

أحدهما: في أنّ مثل هذه البيّنة هل تكون حجّة في نفسها، أو لا؟ وهل تكون حجّيّتها بحيث تقتضي الموافقة القطعيّة، وتدفع البراءة العقلية في الأطراف، أو لا؟

وثانيهما: في أنـّه بعد الفراغ عن حجّيّتها في نفسها، هل تقدّم على الاُصول الشرعيّة في الأطراف ـ كما تقدّم على الأصل في موردها فيما لو شهدت البيّنة على نجاسة شيء معين، حيث لا إشكال في تقدمها على أصالة طهارته ـ أو لا؟

أمـّا المقام الأوّل: فلا إشكال في حجّيّة البيّنة في المقام على مبنانا في كيفيّة فهم الحكم الظاهريّ من أنـّه مهما كان لونه ولسانه من حكم تكليفيّ أو جعل التنجيز، أو الطريقية أو غير ذلك، فواقعه هو إبراز الاهتمام بالواقع على تقدير ثبوته في حال الشكّ، كاهتمامه به في حال العلم، فعلى هذا المبنى كما نقول في البيّنة القائمة على نجاسة شيء معيّن: بأنّ دليل حجّيّتها يدلّ على أنـّه وإن كان يوجد احتمال مخالفة البيّنة للواقع، لكن يهتمّ المولى بالواقع على تقدير مصادفتها حتى في ظرف وجود هذا الاحتمال، كما لو لم يوجد هذا الاحتمال، وكان يعلم تفصيلاً بنجاسة هذا