المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

176

اخترناه. وعلى مبانينا لا يرد أيّ إشكال في المقام.

ثم إنـّه يمكن الجواب عن هذا الإشكال حتى بناءً على هذه المدارس، وذلك بأنْ يقال: إنّ المدلول المطابقيّ للبيّنة، وهو شهادتها بالعلم بنجاسة أحد الإناءين وإن لم تتمّ حجيّته بالنحو المقصود، لكنْ توجد لذلك مداليل التزامية، وهي دلالتها على العلم بقضايا شرطيّة بعدد الأطراف، فلو كان عدد الأطراف اثنين مثلاً، فشهادة البيّنة تدلّ بالملازمة على أنّها تعلم بأنّه إنْ كان هذا الإناء طاهراً فذاك نجس، وبأنـّه إنْ كان ذاك طاهراً فهذا نجس، فيشمل إطلاق دليل حجّيّة البيّنة هذه الدلالات الالتزامية من دون إشكال، وذلك ينتج لنا العلم بأنّ أحد الإناءين نجس حتماً، إمـّا واقعاً أو ظاهراً؛ إذ لا يخلو الحال من أنـّه يوجد في البين طاهر في الواقع أو لا، فعلى الثاني يكون كلا الإناءين نجساً واقعاً، وعلى الأوّل يوجد في البين نجس أيضاً بحكم الدلالتين الالتزاميّتين.

 


وعلى المبنى الثالث ـ أيضاً ـ تجب الموافقة القطعيّة؛ لتعارض البراءات العقلية، لتنجّز مقدار الجامع بالبيّنة.

نعم، على المبنى الرابع، وهو أنّ العلم الإجمالي رغم تعلّقه بالجامع ينجّز أكثر ممّا تعلّق به، فهو منجّز للواقع رغم عدم كشفه للواقع بحدوده؛ وذلك لعدم إيماننا بحرفيّة قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) واعتقادنا بكفاية العلم بالجامع؛ لانعدام موضوع قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) يمكن القول باختلاف النتيجة حسب اختلاف المباني في حقيقة الحكم الظاهري.

فعلى مبنى اُستاذنا الشهيد من عدم الوقوف على ألسنة الحكم الظاهري، والنفوذ إلى عمقه، وهو اهتمام المولى بغرضه على تقدير وجوده، بقدر الاهتمام على تقدير العلم تجب الموافقة القطعيّة، فإنـّه على تقدير العلم الوجداني بالحكم كانت الموافقة القطعيّة واجبة، حسب الفرض.

في حين أنـّه على مبنى كون حقيقة الحكم الظاهري عبارة عن التنجيز والتعذير قد يقال: إنّ التنجيز يقف على مقدار لسان الأمارة، ولسان الأمارة في المقام إنـّما هو الشهادة بالجامع، وكذلك على مبنى جعل الحكم المماثل قد يقال: إنّ الحكم المماثل جعل بمقدار لسان الأمارة، ولسانها في المقام هو الشهادة بالجامع.

نعم، على مبنى المحقّق النائينيّ (رحمه الله) من جعل العلم قد يقال: إنّ جعل العلم بالجامع يؤدّي عقلاً إلى تنجيز الواقع، كما فرضناه في العلم الوجدانيّ.

أمـّا لو فرضنا جعل العلم مجرّد صيغة ولسان، وقلنا: إنّ الحكم الظاهريّ تكون طريقيّته التي هي روحه بمعنى حكايته للإرادة المتعلّقة بالواقع، فقد يقال: إنّ الحكاية هنا اقتصرت على مقدار الجامع حسب الفرض، فلا مبرّر لوجوب الموافقة القطعيّة.